فإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت البينة فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو: لقد مات فلان وإن حقه لعليه، فإن حلف وإلا فلا حق له، لأنا لا ندري لعله قد وفاه ببينة لا نعلم موضعها، أو بغير بينة قبل الموت، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة، فإن ادعى ولا بينة فلا حق له، لأن المدعى عليه ليس بحي ولو كان حيا لألزم باليمين أو الحق أو برد اليمين، فمن ثم لم يثبت عليه حق.
وأيده صحيحة الصفار (1) وكتب إليه أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر فوقع عليه السلام نعم من بعد يمين، فيخصص بهما ما دل على عدم اشتراط اليمين مع البينة، وفيه دلالة واضحة على قبول شهادة الوصي وأما لو سكت المدعى عليه فإن كان ذلك من جهل بلزوم الجواب، أو عدم معرفته باللسان أو من صمم وخرس، أو نحو ذلك أزال الحاكم عذره بما يناسب، وإن كان لا لعذر ألزمه بالجواب أولا بالرفق واللين، ثم بالشدة والغلظة، متدرجا من الأدنى إلى الأعلى، على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أجاب فهو وإن أصر على السكوت عنادا ولجاجا فعن جماعة أنه يحبس حتى يجيب وقيل يجبر عليه بالضرب والإهانة، وقيل إن الحاكم يقول له ثلاثا إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا، ورددت اليمين على المدعي، فإن أصر رد اليمين على المدعي، وعن بعض التخيير بين الحبس والرد.
واستدل للقول الأول بأنه مروي، وربما يحتمل أن يكون المراد خبر " لي الواجد يحل عقوبته وعرضه " (2) بناء على أن العقوبة الحبس.
وربما يستدل عليه بالأخبار الواردة في أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يحبس الغريم باللي والمطل، ولا يخفى أن ظاهر خبر " لي الواجد " صورة وجدان المال فلا ربط له بالمقام، كما أن الأخبار المذكورة ظاهرة في ثبوت الدين واستدل أيضا بأن الجواب واجب، والضرب والإهانة خلاف الأصل ولا دليل