ظاهر كلماتهم - قدست أسرارهم - أن للحاكم أن يحكم به ويفصل الخصومة بحيث لا تسمع بعد الحكم الدعوى، فإن تم الاجماع فلا إشكال وإلا فلقائل أن يقول: لا إشكال في حجية الاقرار لعموم الحديث المعروف إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، لكن مجرد الحجية لا يكفي في مقام الفصل، ألا ترى أن اليد حجة على ملكية ذي اليد وفي مقام الفصل للخصومة لا يكتفي بها، والاقرار لا إشكال في حجيته على المقر بحيث يكون بحسب الظاهر ممنوعا من التصرف في المقر به وأما تصرف المقر له مع عدم القطع بكون المقر به ملكا له ففيه إشكال، لعدم كون الاقرار بمنزلة البينة طريقا إلى الواقع، ولذا لا يؤخذ بلوازمه بالنسبة إلى غير المقر، وحيث ظهر الفرق بين الحجية وبين فصل الخصومة فبمجرد الحجية لا يتحقق الفصل بل لا بد من حكم الحاكم هذا هو المسلم بنظر الفقهاء فيسئل ما المراد من الحكم؟ فإن كان المراد مدلول مثل إقرار العقلاء على أنفسهم جائز فهو معلوم للمقر وكل من يكون عالما به، وإن كان غيره من إلزام من طرف الحاكم بأن يلزم المقر برد المقر به مثلا إلى المقر له بحيث يتوجه إليه إلزامان: إلزام من طرف الشارع وإلزام من طرف الحاكم، فبعد كون المقر ملتزما من طرف الشارع ما معنى التزامه من طرف الحاكم، لأن الالتزام من طرف الحاكم لحكم الشارع بلزوم الالتزام بحكمه فيلزم الالتزامان من طرف الشارع، وكذا الكلام في الحكم من جهة البينة وهذا بخلاف الحكم من جهة الحلف أو من جهة شهادة عدل واحد بانضمام اليمين أو من جهة النكول، فإنه قبل حكم الحاكم لا إلزام من طرف الشارع وبعد الحكم يتوجه الالتزام بالنسبة إلى المحكوم عليه.
ويمكن أن يقال: لا مانع من تحقق الالزامين، نظير ما لو نذر أن يأتي بواجب أو يترك حراما، فبعد تحقق النذر يتحقق إلزام آخر في طول الالزام السابق وفائدة الالزام من جهة النذر أنه لو خالف تحقق العصيان من جهة ترك الواجب أو ارتكاب الحرام ومن جهة حنث النذر مضافا إلى لزوم الكفارة ففي المقام أيضا إلزام