فضلا عن صحته، فالعمدة تسلم المنع بنحو الاطلاق مع عدم ظهور التهمة، هذا في حقوق الآدميين، وأما حقوق الله تعالى فلا وجه لرد الشهادة بها لعدم تحقق الاجماع وعدم ظهور التهمة بل الشهادة للمصالح العامة، كالقناطير، المدارس كذلك مانع من قبولها فمقتضى العموم أو الاطلاق في أدلة قبول الشهادة قبولها.
وقد يقال في وجه تردد المصنف - قدس سره - إنه ناش من أن التهمة المانعة عن القبول في حقوق الآدميين موجودة، ومن أن الشهادة في حقوق الله والمصالح العامة لا مدعي لها فلو لم تقبل الشهادة فيها لأدى ذلك إلى سقوطها.
ويمكن أن يقال: لو كانت الجهة المانعة التهمة لزم الاقتصار على الصورة تحققها لا الحكم بالمنع في صورة كون المشهود به من حقوق الآدميين بنحو الاطلاق، وإن كانت الاجماع فلا بد من الاقتصار على المجمع عليه وليس حقوق الله تعالى والمصالح العامة مما أجمع على رد شهادة المتبرع بها بالنسبة إليها، فالمرجع العموم أو الاطلاق في أدلة قبول الشهادة، إلا أن يمنعا، فلا حاجة إلى التمسك بلزوم السقوط.
وأما قبول شهادة الأصم فيما لا يفتقر إلى السماع فلعموم الأدلة أو إطلاقها.
وأما الرواية المشار إليها فهي رواية جميل " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة الأصم في القتل، فقال: يؤخذ بأول قوله، ولا يؤخذ بالثاني (1) ".
ولم يعرف القول بمضمونها إلا من الشيخ في النهاية، والقاضي وابن حمزة وقد يقال بعد التضعيف وأيضا القول بالموجب فإن القول الثاني للأصم إن كان منافيا للأول فهو رجوع فيه فلا يقبل، وإن لم يكن منافيا لم يكن ثانيا بل شهادة أخرى مستأنفة، وتنظر فيه بأنه مع عدم المنافاة لا يؤخذ به وإذا عمل بالرواية والقائل باعتباره مطلقا لا يعمل بالرواية، ويمكن أن لا يكون منافيا وفيه زيادة أو نقصان بالنسبة إلى القول الأول من دون أن يكون شهادة مستقلة فلا اعتبار له أيضا من جهة الرواية، وأيضا في صورة المنافاة يرد القول الثاني إذا كان بعد حكم الحاكم بالشهادة الأولى، ولو كانت قبل الحكم ردت الشهادة الأولى دون الثانية.