ميزان القضاء للحكام لغير الفرض، بل يمكن انسباق ذلك منه خصوصا المستفيضة المشتملة على الشكوى من نبي من الأنبياء إلى الله تعالى من القضاء بما لم تر العين ولم تسمع الإذن، فقال: إقض بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به، الظاهرة في مباشرة ذلك بنفسه فلا تصح الاستنابة فيه حينئذ.
نعم ذكر غير واحد من الأصحاب بل نفى بعضهم الخلاف فيه أيضا أن ذلك كذلك إلا مع العذر كالمرض المانع من الحضور وشبهه، فحينئذ يستنيب الحاكم من يحلفه في منزله.
ويمكن أن يقال: إن تم الاجماع فلا كلام وإلا فلا وجه لعدم تناول الاطلاق، ولا نجد فرقا بين المقام وبين مثل " الطلاق بيد من أخذ بالساق " وقوله تعالى " إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " وقد ذكر في باب الوكالة تعميمها إلا إذا دل الدليل على لزوم المباشرة.
وأما ما ذكر من أصالة عدم انقطاع الدعوى بغيره فيشكل فإن الأسباب إذا كانت شرعية وتعيينها من طرف الشرع المقدس فلا مانع إذا شك في جزئية شئ أو شرطيته في الأسباب أن يتمسك بحديث الرفع، وعلى فرض عدم شمول المطلقات وانصرافها إلى صورة المباشرة ولزوم الاحتياط مع الشك لا وجه لاستثناء صورة العذر من جهة المرض المانع عن الحضور أو كون المرأة غير برزة ونحو الصورتين.
وأما عدم حلف المنكر إلا على القطع فقد ذكروا في وجهه أنه المنساق من النصوص الموجبة له، بل كاد يكون صريح خبري الأخرس وابن أبي يعفور، ففي خبر الأخرس " ليس له قبل فلان بن فلان - أعني الأخرس - حق ولا طلبة بوجه من الوجوه - الحديث (1) ".
وفي صحيحه عبد الله بن أبي يعفور " قال إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي - الحديث " (2)