تكون الآية دالة على عدم وجوبها ولو بحسب السياق كما عن الأكثر، وبه يخصص ويقيد إطلاق ما دل على وجوب الدية للنفس المؤمنة، بناء على شموله لمثل الفرض، ويمكن أن يقال: ما دل على أنه لا يطل دم المسلم آب عن التخصيص، فيشكل رفع اليد عن عموم ما دل على وجوب الدية بمجرد عدم الذكر، واستبعاد كون المؤمن بين أعداء المؤمنين من موجبات كون دمه هدرا لا قيمة له.
(الرابع في العاقلة، والنظر في المحل، وكيفية التقسيط، واللواحق، أما المحل فالعصبة والمعتق وضامن الجريرة والإمام، والعصبة من تقرب إلى الميت بالأبوين أو بالأب، كالإخوة وأولادهم، والعمومة وأولادهم، والأجداد وإن علوا، وقيل: هم الذين يرثون القاتل ديته لو قتل، والأول أظهر).
الظاهر أن المراد من المحل محل الواجب من الديات أي من يجب عليه أدائها، فالمشهور أن المحل العصبة والمعتق وضامن الجريرة والإمام مترتبين، والمشهور أيضا أن العصبة من تقرب إلى الميت بالأبوين أو بالأب كالإخوة وأولادهم و العمومة وأولادهم والأجداد وإن علوا، فيخرج الأب والأولاد والظاهر أن العصبة المذكورة في المقام هي المذكورة في كتاب الميراث، والقائلون بالتعصيب قائلون بوراثتهم بخلاف الإمامية المنكرين لوراثتهم، وما ذكر من أن المشهور حصر محل الواجب في ما ذكر وجهه أنه قد يستفاد من بعض الأخبار عدم الحصر في ما ذكر أعني خبر سلمة بن كهيل في قاتل أتي به أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، فذكر أنه من أهل الموصل، فأرسله إليها، وكتب إلى عامله بها فيما كتب " فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك، ثم انظر فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحده من قرابته فألزمه الدية، وخذه بها نجوما في ثلاث سنين، وإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه في النسب سواء ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين