مدخلية الأمرين في الجناية بحيث لا يتحقق بدونهما ما وجه تقديم الأقوى؟ ألا ترى أنه في تعاقب الأيدي على مال مأخوذ بغير حق لا يفرق بين الأقوى والأضعف في الضمان وأما ما حكي عن المقنعة فلعله لما عن المفيد روايته مرسلا (قال: إن عليا صلوات الله عليه رفع إليه خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا ولعبا فجاءت جارية أخرى فقرصت الحاملة فوقعت الراكبة فاندق عنقها فهلكت، فقضى عليه السلام على القارصة بثلث الدية، وعلى القامصة بثلثها، وأسقط الثالث الباقي لركوب الواقعة [الواقصة، خ ل] عبثا، فبلغ صلى الله عليه وآله فأمضاه) (1).
واستحسنه المصنف، ومحكي المختلف، فإن كان المرسل المذكور حجة فلا إشكال، ومع الاشكال من جهة السند يشكل الأخذ بمضمونه، لأن قاعدة الاشتراك تقتضي تمام الدية لا الثلثين.
وأما الوجه الثالث المنسوب إلى ابن إدريس - قدس سره - وهو التفصيل بين كون القامصة ملجئة من جهة نخس الناخسة فالضمان على الناخسة ليس غير، وإن لم تكن ملجئة فالضمان على القامصة لكونها مختارة، فتوجيهه بأن المكره الملجأ الذي هو بمنزلة الآلة فعله مستند إلى المكره، ولذا يضمن الدافع المقتول بوقوع المدفوع، بخلاف ما إذا لم تكن ملجئة فإنها مستقلة بالقتل.
ويمكن أن يقال: هذا يتم إن كان للاختيار مدخلية في الضمان، وأما إن اجتمع الضمان مع عدم الاختيار كالنائم الواقع على الغير فلا مانع من ضمانه، ولذا عمل جماعة بمضمون رواية أبي جميلة من دون التقييد بكون القامصة مختارة أو ملجئة نعم إن لوحظ الأقوائية في الضمان تمت التفصيل، وقد عرفت الاشكال فيه، إلا أن يقوم دليل عليه، ولعل رواية أبي جميلة على فرض كونها مشهورة منجبرة بالعمل تدل على خلافه، لعدم التفصيل بين سورة الالجاء وغيرها.
(وإذا اشترك في هدم الحائط ثلاثة فوقع على أحدهم فمات ضمن الآخران ديته، وفي الرواية ضعف، والأشبه أن يضمن كل واحد ثلثا ويسقط ثلث لمساعدة