العلماء المنجبر بما ذكر فلا كلام، وإلا فلقائل أن يقول: ما الدليل على ضمان ما أفسده الدابة ليلا أو نهارا، فإن منشأ الضمان إما الاتلاف، أو اليد وفي المقام إن كان ضمان فهو من جهة الاتلاف، فإن كان الافساد الناشي من جهة الدابة بإرسال صاحبها إلى طرف مثل الزرع فالظاهر صدق الاتلاف من طرف صاحب الدابة، وأما مع عدم الارسال فكيف ينسب الاتلاف إلى صاحب الدابة.
وما يترائى من ملامة صاحب الدابة من جهة عدم ربط دابته وحبسها في محلها تتوجه إلى صاحب الزرع أيضا من جهة عدم حفظه، وأما ما في الأخبار من حكم سليمان على نبينا وآله وعليه السلام في المخاصمة المذكورة فالظاهر عدم الالتزام بمضمونه، وإلا لزم الحكم برد أولاد الغنم وأصوافها إلى صاحب الكرم.
(الثالث في كفارة القتل، تجب كفارة الجمع بقتل العمد، والمرتبة بقتل الخطأ مع المباشرة دون التسبيب، فلو طرح حجرا في ملك غيره أو سابلة فهلك به عاثر ضمن الدية، ولا كفارة، وتجب بقتل المسلم، ذكرا كان أو أنثى صبيا أو مجنونا، حرا أو عبدا ولو كان ملك القاتل، وكذا تجب بقتل الجنين إن ولجته الروح، ولا تجب قبل ذلك، ولا تجب بقتل الكافر ذميا كان أو معاهدا، ولو قتل المسلم مثله في دار الحرب عالما لا للضرورة فعليه القود والكفارة، ولو ظنه حربيا فلا دية وعليه الكفارة).
أما وجوب كفارة الجمع بقتل العمد فالظاهر عدم وجدان الخلاف فيه، ويدل عليه النصوص منها صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام " سئل عن المؤمن يقتل عمدا هل له توبة؟ فقال: إن كان قتله لايمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو سبب من أسباب الدنيا فإن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه ولم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عز وجل " (1).
وأما وجوب المرتبة بقتل الخطأ وشبه العمد فلتطابق الكتاب والسنة عليه،