ويمكن أن يقال: أما المرسل المذكور فلا يستفاد منه عدم النقض، بل المستفاد منه الغرامة والضمان مع القضاء، وطرح الشهادة وعدم الغرامة مع عدم القضاء، و الحكم بالغرامة مع وجود العين لو كان الحكم بالعين بعيد جدا وإن قيل بها في الاقرار لو أقر بالعين لأحد ثم أقر للآخر بها، وقد سبق الاشكال فيه في كتاب الاقرار، و النبوي والعلوي المذكوران لم يؤخذ بمضمونهما في غير المقام، والمخرج لعله أكثر من الباقي، وكلام المجمعين يشمل ما لو قطع بخلاف ما شهد الشاهدان أولا ولعله الغالب، لأن العاقل لا يشهد بما يكون على ضرره العرضي، ما في المتن يشمل صورة القضاء بالقتل ومثل قطع اليد ولا إجماع فيه، لذكر الخلاف.
وأما ما ذكر من استصحاب الصحة وإطلاق ما دل على صحة ما لم يعلم فساده فلم يظهر وجهه، فإن صحة شهادة الشاهدين من جهة ما دل على قبول الشهادة، و مع الرجوع لا شهادة، وبعبارة أخرى إن كان النظر إلى صحة الشهادة قبل الرجوع فلا مجال لاستصحابها لأن الشك سار بالنسبة إليها، وليس الشك في البقاء حتى يستصحب وإن كان النظر إلى شمول دليل الحجية فلا شمول.
ومما ذكر يظهر الحال فيما ذكر من إطلاق ما دل على صحة ما لم يعلم فساده ومما حكي عن النهاية من أنه إن كانت العين باقية - الخ، يظهر عدم تحقق الاجماع فإنه مع عدم نقض الحكم كيف ترتجع العين إلى صاحبه، وفي مثل القضاء بالزوجية كيف لا ينقض الحكم ويحكم بها مع رجوع الشاهد عن شهادته.
وأما ضمان الشهود فللسببية، ويمكن الاستدلال بحسن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في رجل شهد عليه رجلان إنه سرق فقطع يده حتى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر فقالا: هذا السارق، وليس الذي قطعت يده، إنما اشتبهنا ذلك بهذا، فقضى عليهما أن غرمهما نصف الدية، ولم يجز شهادتهما على الآخر.
وإن ثبت أن الشاهدين شاهدا زور وعلم الحاكم نقض الحكم لتبين اختلال ميزان الحكم واستعيد المال وإن تعذر اغرام الشهود، ويدل عليه صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله