عن التقييد بعيد جدا.
لكن تقع الشبهة من جهة احتمال أن يكون ما قال عليه السلام - على المحكي - في هذه الأخبار إذنا للشخص، فغير السائل يحتاج إلى الإذن، وهذا غير بعيد، لكن لا مجال لحمل خبر جميل المذكور على ذلك، وإن كان إذنا فهو إذن لجميع المكلفين، بل ظاهر ساير الأخبار الجواز المطلق، حيث إن السائل يسأل عن أصل الجواز لا الإذن ويكفي احتمال أن يكون نظر السائل إلى ذلك، فإنه مع احتمال أن يكون نظره إلى ذلك لا بد أن يكون الجواب مطابقا مع السؤال.
وأما الأخذ باطلاق من اعتدى عليكم فاعتدوا - الخ - وأمثاله فمشكل، حيث إن لازمه جواز التقاص مع عدم الجحود ومع كونه باذلا ولا يلتزم به.
وأما سماع الدعوى المجهولة كشئ أو ثوب أو فرس ففيه تردد واختلاف، فالمحكي عن جماعة المنع، لعدم الفائدة لو أجاب المنكر بنعم، حيث لا مجال لحكم الحاكم مع الجهل، والمحكي عن جماعة الجواز، لا طلاق الأدلة الدالة على وجوب الحكم من الكتاب والسنة، فإن تم الاطلاق فهو وإن بني على عدم الاطلاق وأن ما رود في الكتاب والسنة في مقام أصل المشروعية فالاشكال من هذه الجهة لا من جهة عدم الفائدة، ألا ترى أن الاقرار بالمجهول جائز ويجبر المقر على البيان والتفسير.
(مسائل، الأولى: من إنفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضي له به، ومن هذا أن يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم. الثانية: لو انكسر سفينة في البحر فما أخرجه البحر فهو لأهله وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه وفي الرواية ضعف).
المعروف أنه قضي للمدعي بلا بينة ولا يمين بل ادعي عدم الخلاف فيه، واستدل أيضا بأصالة صحة قول المسلم، وروي منصور بن حازم في الصحيح " قلت للصادق عليه السلام عشرة كانوا جلوسا ووسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضا ألكم هذا الكيس فقالوا كلهم: لا، وقال واحد منهم: هو لي، قال عليه السلام: هو للذي ادعاه " (1).