مثلا لزيد فهو إن شاء وليس بإخبار، وتارة أخرى يخبر بحكمه قبلا فهو شهادة.
وأما صفات الشاهد فالمعروف أنها ست، الأولى البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي أما مع عدم التمييز فلا خلاف فيه، ومع التمييز وبلوغ العشر في غير الدماء قيل تقبل، واستدل له مضافا إلى إطلاق الشهادة كتابا وسنة بقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه على المحكي في خبر طلحة بن زيد " شهادة الصبيان جايزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهلهم " (1).
وخبر أبي أيوب الخزاز " سألت إسماعيل بن جعفر عليه السلام متى تجوز شهادة الغلام؟ فقال: إذا بلغ عشر سنين، قال: قلت: أيجوز أمره؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل بعايشة وهي بنت عشر سنين، وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة فإذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته " (2).
وأجيب بأن الاطلاق بالتبادر وغيره مخصوص بالبالغ، ومعارض بعموم كثير من النصوص الدالة على اعتبار أمور كثيرة في الشاهد منفية في الصبي قطعا كالعدالة ونحوها، ومع قبول الشهادة في الدماء نمنع أولوية غير الدماء، والخبران المذكورا مع صعف سنديهما بلا جابر محتملان للحمل على الصورة الآتية، على أن الثاني منهما لم يسند إلى المعصوم بل لا يخفى ما في متنه، فإن حكم الرجل والمرأة لا يجب أن يكون واحدا.
ويمكن أن يقال: أما ما قيل من تبادر المطلقات إلى المكلفين فلا يخفى عدم وضوحه، بل الأولى أن يقال لا اطلاق فيها فتأمل.
وأما ما ذكر من نفي العدالة فلا يخلو من الاشكال فإذا فرض صبي لم يبلغ الحلم ومع هذا مجتنب عن المعاصي مع عدم التكليف واجد للملكة ويفعل ما يجب على المكلفين بلا تكليف وجوبي هل يعد غير عادل؟ وهذا نظير إنكار الاسلام للصبي الناشئ بين الكافرين الأب والأم مع اعتقاده بالأصول الحقة لا عن تقليد بل مع اجتهاد.