إظهار الحق مع إمكانه أو الحكم بعلمه والأول معلوم البطلان فتعين الثاني وذلك لأنه إذا علم بطلان قول أحد الخصمين فإن لم يجب عليه منعه عن الباطل لزم الأول وإلا ثبت المطلوب، مضافا إلى ظهور كون العلم أقوى من البينة وإلى تحقق الحكم المعلق على عنوان قد فرض العلم بحصوله كقوله تعالى " السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " " الزانية والزاني. الخ " والخطاب للحكام وإذا ثبت ذلك في الحدود ففي غيره بطريق أولى وفي الانتصار وكيف يخفى إطباق الإمامية على وجوب الحكم بالعلم وهم ينكرون توقف أبي بكر عن الحكم لفاطمة عليها السلام لما ادعت أنه نحلها أبوها، و يقولون إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها وأنها لا تدعي إلا حقا فلا وجه لمطالبتها بإقامة البينة.
وأجيب بأنه ليس في شئ من الأدلة المذكورة عدا الاجماع منها دلالة على ذلك، والأمر بالمعروف ووجوب إيصال الحق إلى مستحقه بل كون العلم حجة على من حصل له يترتب عليه سائر التكاليف لا يقتضي كونه من طرق الحكم بل أقصى ذلك أنه لا يجوز له الحكم بخلاف علمه.
قلت: الأولى أن يمنع ما ذكر في الاستدلال من عدم جواز إيقاف الحكم ومنع لزوم إجراء الحد على مثل السارق والسارقة والزانية والزاني بمجرد إحراز تحقق العنوان، ومع الأولوية في حقوق الناس وقد سبق عدم إجراء الحد بإقرار المرتكب للزنا مع حصول القطع غالبا من جهة إقراره مرة.
(الثانية، إذا عرف عدالة الشاهدين حكم وإن عرف فسقهما أطرح وإن جهل الأمرين فالأصح التوقف حتى يبحث عنهما، الثالثة تسمع شهادة التعديل مطلقا و لا تسمع شهادة الجرح إلا مفصلة) لا إشكال ولا كلام في الحكم مع معرفة عدالة الشاهدين، كما أنه لا إشكال مع معرفة الفسق في عدم الحكم من جهة شهادتهما، إنما الاشكال في أنه مع عدم المعرفة لو أقر المدعى عليه بعدالتهما فهل للحاكم أن يحكم أخذا بإقراره أو لا بد من تبين