والمحكي عن ابن إدريس القدح، بناء منه على ما ذهب إليه من عدم الصغاير إلا بالإضافة ولا عسر لامكان التدارك بالاستغفار.
وأورد عليه بأن تعرف ذلك منه يحتاج إلى زمان طويل، مضافا إلى ما قيل إن التوبة من شرطها العزم على ترك المعاودة، ولا شك أن الصغاير لا ينفك منها الانسان فلا يصح منه هذا العزم غالبا، فلا يمكن التوبة في أغلب الأحوال.
وفي صحيح ابن أبي يعفور اقتصر على اجتناب الكباير في تعريف العدل.
ويمكن أن يقال: أما ما ذكر من عدم القدح للزوم الحرج ففيه إشكال، لأن التكاليف الحرجية مرفوعة فلازم ما ذكر عدم الحرمة وعدم تحقق المعصية لا تحقق المعصية الصغيرة، والعدالة التي معناها الاستقامة حقيقة منوطة بترك جميع المحرمات والآتيان بجميع الواجبات، وإن كان النظر إلى الملكة فهي غير زائلة لا بالكبيرة ولا بالصغيرة كساير الملكات بالنسبة إلى ما يترتب عليها.
وأما ما ذكر من أن المذكور في صحيحه ابن أبي يعفور خصوص الاجتناب عن خصوص الكباير، فهو مبني على كون النظر في الصحيحة إلى المعرف المنطقي والظاهر أنه ليس كذلك، فالحق أنه لا يقدح، لا لما ذكر بل لما دل على أنه مع اجتناب الكباير تكون الصغائر مكفرة، مضافا إلى أن اشتراط ذلك يوجب انحصار العدل في المعصوم، وهذا يوجب تعطيل الطلاق، والمرافعات، وما يحتاج إلى شهادة العدل.
وأما عدم قدح اتخاذ الحمام لما ذكر فلعدم الحرمة بل يستفاد من بعض الأخبار استحباب أن يسكن في البيت، ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام إن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحشة [الوحدة - خ ل] فأمره أن يتخذ زوجا من الحمام (1).
وعنه عليه السلام " ما من بيت فيه حمام إلا لم يصب أهل ذلك البيت آفة من الجن، إن سفهاء الجن يمضون إلى البيت فيعبثون بالحمام ويدعون الانسان " (2).
وقال عبد الكريم بن صالح " دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فرأيت على فراشه ثلاث حمامات خضر، فقلت: جعلت فداك هذا الحمام يقذر الفراش، فقال: لا إنه