حالهما بغير الاقرار.
ويمكن أن يقال: ما الفرق بين الاقرار بالعدالة ونفي ما ادعى المدعي بدعوى الغلط في شهادتهما وبين الاقرار بما يدعي المدعي ودعوى إرادة خلاف ظاهر كلامه أو كونه مكرها أو كونه هازلا في كلامه، فبعدما يؤخذ بإقرار المدعي عليه بانضمام الأصول المعتبرة عند العقلاء لا مانع من الأخذ بالاقرار بانضمام أصالة عدم الغلط كأصالة عدم غلطهما مع معرفة عدالتهما، وقد يستشكل من جهة أن البحث والتعديل لحق الله تعالى ولذا لا يجوز الحكم بشهادة الفساق وإن رضي به الخصم وأن الحكم بشهادة الانسان حكم بتعديله ولا يجوز بخبر الواحد إجماعا.
ويمكن أن يقال: إن كان البحث والتعديل لحق الله تعالى فاللازم عدم الاعتبار باقرار الخصم بصدق ما يشهدان لعدم تحقق البحث والتعديل، إن قلت يؤخذ بالاقرار في هذه الصورة من جهة الاقرار بما يدعي المدعي، قلت: في ما نحن فيه أيضا يؤخذ بالاقرار لأنه إقرار بما يدعي المدعي بانضمام الأصل المذكور، وأما الرضى بشهادة الفاسق فليس اقرارا بالمدعي به والمحكي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يفعل ذلك أعني البحث بإرسال شخصين من قبله لا يعلم أحدهما بالآخر يسئلان قبيلتهما عن حالهما فإن جاءا بمدح وثناء حكم وإن جاءا بشين ستر عليهما ودعى الخصمين إلى الصلح، وإن لم يكن لهما قبيلة سئل الخصم عنهما فإن زكاهما حكم وإلا أطرحهما.
وهذا المحكي لو لم يكن إشكال فيه من جهة السند يدل على قبول تزكية الخصم وعلى ما ذكر لا يتوجه الاشكال من جهة اشتراط الحكم بعدالتهما والعدالة لا تثبت بإقرار الخصم ورضاه بالحكم بشهادتهما لا يجدي في صحة الحكم، وأما التفصيل بين شهادة التعديل وبين شهادة الجرح بقبول شهادة التعديل من غير أن يبين سببه بخلاف شهادة الجرح فاستند في الأول إلى أن العدالة تحصل بالتحرز عن أسباب الفسق وهي كثيرة يعسر ضبطها وعدها، وفي الثاني إلى أن الجارح قد يبني على ظن خطأ وأن المذاهب في ما يوجب الفسق مختلفة فلا بد من البيان ليعمل