وما يقال من أن ما يقابل الدين إما أن يكون باقيا على ملكه أو يكون منتقلا إلى الوارث أو يكون بلا مالك، والأول غير معقول لأن البدن بلا روج غير قابل لكونه مالكا، والروح ما دام له التعلق بالبدن يعتبر له الملكية، ولا يمكن بقاء الملك بلا مالك، فيتعين كون المال منتقلا إلى الوارث مع تعلق حق الديان إليه، وأما انتقاله إلى الديان فهو مجمع على خلافه، فيه نظر فإن الملكية من الأمور الاعتبارية ولذا تعتبر للجهة أيضا كما لو وقف أرض للمسجد، فمنافع الأرض الموقوفة ملك لجهة المسجد يصرف المؤذنة وسراجه وساير ما يلزم للمسجد، فلا مانع من اعتبار الملكية للميت لا للجسد الخالي عن الروح بل للذي يشتغل ذمته بالدين ويصرف له الخيرات.
والشاهد على هذا أنه لو أوصى بالثلث لنفسه بأن يصرف نفس الثلث أو منافعه في الخيرات فقبل نقل الثلث أو منافعه لا يتعلق المال إلا بجهة الميت، بل لو جني عليه بعد الموت يستحق الدية وتصرف في مصرفها.
(مسألتان: الأولى لا يحكم الحاكم باخبار حاكم آخر ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره، نعم لو حكم بين الخصوم وثبت الحكم وأشهد على نفسه فشهد شاهدان بحكمه عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم).
المعروف أنه لا يمضي ولا ينفذ حكم الحاكم إذا أنهاه إلى حاكم آخر باخباره ولا بالبينة بثبوت الحكم عند الحاكم ولا بكتابه فادعي الاجماع في الثلاثة في حقوق الله سبحانه، وكذا لو كان الحق من حقوق الناس وأنهى الحكم بالكتابة، وادعي عدم وجدان الخلاف فيه إلا من الإسكافي.
وذكر في المقام خبران، خبر السكوني وخبر طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن علي صلوات الله وسلامه عليهم " أنه كان لا يجيز كتابة قاض إلى قاض في حد ولا غيره حتى وليت بنو أمية فأجازوا بالبينات " (1).
والخبران مشهوران قد عمل بهما، فلا اشكال من جهة السند، فنقول تارة يحصل