المعروف أنه مع ركوب اثنين تساويا في الضمان، وقد يقال في وجهه صدق الراكب على كل منهما، ولخبر سلمة بن تمام المنجبر بما ذكر عن علي صلوات الله عليه في دابة عليها ردفان، قتلت الدابة رجلا أو جرحت، فقضى الغرامة بين الردفين بالسوية (1).
ويمكن أن يقال: أما ما ذكر من صدق الراكب - الخ، فلعله مقتض لضمان كل منهما تمام الدية وسقوط الدية مع تأدية أحدهما، كما في صورة تعاقب الأيدي على العين المغصوبة، أو ما يكون بحكم المغصوب، وظاهر الخبر المذكور كون نصف الغرامة على أحدهما والنصف الآخر على الآخر، وهذا هو المطابق مع العدل، حيث إنه مع الاشتراك في الركوب كيف يكون الغرامة راجعة إلى أحدهما بدون الآخر، ولا وجه لأخذ غرامتين منهما، بخلاف صورة تعاقب الأيدي، حيث إن قرارا الضمان على من تلف عنده، إلا إذا كان مغرورا فعلى الغار كما ذكر في محله.
وأما ضمان صاحب الدابة فاستدل عليه بخبري أبي مريم وغياث بن إبراهيم المذكورين، وقد يحملان على كون المراد من صاحب الدابة فيما راكبها، ولا يخفى بعده، ومجرد إمكان إرادة الراكب منه مع المرجوحية لا يوجب صرف الكلام بلا نصب قرينة.
إلا أن يقال صاحب الدابة إذا كان راكبا كيفي في ضمانه لما أتلفت الدابة بيديها من دون حاجة إلى المالكية وإن كان قائدا فكذلك، وإن كان سائقا فالسائق يضمن ما جنت الدابة برجليها لا ما جنت بيديها، وفي الخبر حكم بضمان ما وطئت بيدها دون ما بعجت برجلها، وحمل الخبرين على المالك مع عدم كونه راكبا أو قائدا أو سائقا مع التفصيل بين ما وطئت بيدها وما بعجت برجلها وإن كان ممكنا لكنه لا يخلو عن بعد، ولعل الحمل على الراكب أهون مما ذكر.
وكيف كان لم يظهر وجه لعدم ضمان الراكب إن كان المراد من الصاحب المالك، غاية الأمر الاشتراك في الضمان.