تقدم بعض الكلام في كتاب الغصب، ألا ترى أنه مع تعاقب الأيدي على العين المغصوبة أو ما يكون بحكم الغصب لا فرق بين القوية والضعيفة، بل بمجرد تحقق اليد يحكم بالضمان، هذا مع علم المباشر وأما مع جهله بالسبب ففيه تردد، ومن جهة عدم القوة.
ومن لواحق هذا الباب واقعة الزبية بضم الزاي وهي حفرة للأسد وأصلها الأرض المرتفعة فوق الأكمة، فإنهم كانوا يحفرون للأسد في موضع عال.
والروايتان إحداهما رواية محمد بن قيس الثقة التي رواها المحمدون الثلاثة صحيحا عن أبي جعفر عليهما السلام " قال قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أربعة اطلعوا في زبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني، فاستمسك الثاني بالثالث، فاستمسك الثالث بالرابع، حتى أسقط بعضهم بعضا على الأسد فقتلهم الأسد، فقضى بالأول أنه فريسة الأسد، وغرم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرم أهل الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرم أهل الثالث لأهل الرابع الدية كاملة " (1).
وأما الثانية فهي رواية مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام إن عليا صلوات الله عليه قضى في قوم احتفروا زبية الأسد، فوقع فيها الأسد، فازدحم الناس ينظرون فوقع فيها رجل فتعلق بآخر فتعلق الآخر بآخر والآخر بآخر فجرحهم الأسد، فمنهم من مات بجراحته ومنهم من أخرج فمات، فقضى للأول ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية، والرابع الدية الكاملة، وجعل ذلك على عاقلة الذين ازدحموا وكان ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وآله فأمضاه. (2) وهذه الرواية ضعيفة الطريق، ومع عدم الحجية لا داعي إلى التوجيه والتطبيق مع الأصول إن أمكن، والأولى مشهورة وعليها فتوى الأصحاب كما في المتن، وإن كانت مخالفة للأصول وقال المصنف قدس سره في الشرايع ما يرجع إلى إمكان أن يقال على الأول