لنفسه جهولا بقدر ما حمل قال لنا تعالى لما حملناها إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وما حملها أحد من خلق الله إلا الإنسان فلا يخلوا ما أن يحملها عرضا أو جبرا فإن حملها عرضا فقد خاطر بنفسه وإن حملها جبرا فإنه مؤد لها على كل حال ولا بد واعلم أن أهل الأمانات الذين أمرنا الله أن نؤديها إليهم ليس المعتبر من أعطاها ولا بد وإنما أهلها من تؤدي إليه فإن كان الذي أعطاها بنية أن تؤدي إليه في وقت آخر فهو أهلها من حيث ما تؤدي إليه لا من حيث إنه أعطاها وإن أعطاها هذا الأمين المؤتمن إلى من أعطاه إياها ليحملها إلى غيره فذلك الغير هو أهلها لا من أعطى فقد أعلمك بالأهلية فيها فإن الحق إنما هو لمن يستحقه فاعلم ذلك واعمل عليه واعلم بأن الله قد أعطاك أمانة أخرى لتردها إليه كما أعطاك أمانة لتوصلها إلى غيرك لا تردها إليه كالرسالة فإن الله يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وقال ما على الرسول إلا البلاغ وأما ما يرد إليه عز وجل من الأمانات فهو كل علم آمنك عليه من العلوم التي إذا ظهرت بها في العموم ضل به من لا يسمعه منك بسمع الحق فإذا حصل لك مثل هذا العلم ورأيت من كان الحق سمعه وبصره وجميع قواه وليس له هذا العلم فأداه إليه فإنه ما يسمعه منك إلا بسمع الحق فالحق على الحقيقة هو الذي سمع فرددت الأمانة إليه تعالى وهو الذي أعطاكها وحصلت لهذا الشخص الذي الحق سمعه فائدة لم يكن يعلمها ولكن حامل هذه الأمانة إن لم يكن عالما بأن هذا ممن يكون صفته أن يكون الحق سمعه وإلا فهو ممن خان الله وقد نهاه الله أن يخون الله وكذلك أيضا من خيانة من أطلعه الله على العلم بأن العالم وجوده وجود الحق ثم تصرف فيه بتعدي حد من حدود الله يعلم أنه متعد فيه فإن الله في هذا الحال هو عين الأمانة في وجوده عند أهل الحجاب سواء علم ذلك شرعا أو عقلا فقد خان الله في تصرفه باعتقاده التعدي ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا وكذلك من خان الله في أهل الله فقد خان الله وكل أمر بيدك أمرك الله فيه إن ترده إليه فلم تفعل فذلك من خيانة الله والله يقول وإليه يرجع الأمر كله وأما خيانة من خان رسول الله ص فهي فيما أعطاك الله من الآداب أن تعامل به رسول الله ص وهذه المعاملة هي عين أدائها إليه ص فإذا لم تتأدب معه فما أديت أمانته إليه فقد خنت رسول الله ص فيما أمنك الله عليه من ذلك ومن خيانتك رسول الله ص ما سألك فيه من المودة في قرابته وأهل بيته فإنه وأهل بيته على السواء في مودتنا فيهم فمن كره أهل بيته فقد كرهه فإنه ص واحد من أهل البيت ولا يتبعض حب أهل البيت فإن الحب ما تعلق إلا بالأهل لا بواحد بعينه فاجعل بالك وأعرف قدر أهل البيت فمن خان أهل البيت فقد خان رسول الله ص ومن خان ما سنه رسول الله ص فقد خانه ص في سنته ولقد أخبرني الثقة عندي بمكة قال كنت أكره ما تفعله الشرفاء بمكة في الناس فرأيت في النوم فاطمة بنت رسول الله ص وهي معرضة عني فسلمت عليها وسألتها عن إعراضها فقالت إنك تقع في الشرفاء فقلت لها يا سيدتي ألا ترين إلى ما يفعلون في الناس فقالت أليس هم بنى فقلت لها من الآن وتبت فأقبلت علي واستيقظت فلا تعدل بأهل البيت خلقا * فأهل البيت هم أهل السيادة فبغضهم من الإنسان خسر * حقيقي وحبهم عبادة ومن خيانتك رسول الله ص المفاضلة بين الأنبياء والرسل سلام الله عليهم مع علمنا بأن الله فضل بعضهم على بعض كما قال تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وقال تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض فله سبحانه أن يفضل بين عباده بما شاء وليس لنا ذلك فإنا لا نعلم ذلك إلا بإعلامه فإن ذلك راجع إلى ما في نفس الحق سبحانه منهم ولا يعلم أحد ما في نفس الحق كما قال عيسى ع تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ولا دخول هنا للمراتب الظاهرة والتحكم وقد نهى رسول الله ص أن نفضل بين الأنبياء وأن نفضله ص عليهم إلا بإعلامه أيضا وعين يونس ع وغيره فمن فضل من غير إعلام الله فقد خان رسول الله ص
(١٣٩)