يجدي في وقوعه به، ولا يلزم إيجاد عنوان البسيط تدريجا، وهذا بخلاف المجاز الغير المشهور فإنه يحتاج إلى قرينة صارفة أيضا، فحاله أردأ من الكناية، لأن ما يوجد به بحسب الدلالة التصورية هو معناه الحقيقي، وبحسب الدلالة التصديقية معناه المجازي فيتناقضان وليس باب الإيجاد كباب الحكاية كما عرفت.
ولذا قال المشهور: بأن (بعتك بلا ثمن) و (آجرتك بلا أجرة) لا يفيدان فائدة الهبة الصحيحة والعارية كذلك، وليس ذلك - مع أن القرينة الصارفة مقرونة باللفظ - إلا لأن ما أوجد أولا بلا مجئ القرينة كان معاندا لما أوجد ثانيا، ولا يمكن إرجاع ما أوجد عما هو عليه في الإيجاديات وإن أمكن في الحكايات.
نعم، لو قيل: بأن في باب المجاز لا ينشأ بالقرينة شئ حتى يكون بين القرينة وذي القرينة تناقض، بل عنوان العقد ينشأ بنفس ذي القرينة، والقرينة كاشفة عن المعنى المقصود من ذي القرينة - ولذا التزمنا بصحة إنشاء العناوين بالمجاز المشهور - لصح إنشاؤها بالمجاز الغير المشهور أيضا، سواء كانت قرينته حالية أو مقامية، إلا أن يمنع كون المجاز الغير المشهور آلة لايجاد العنوان الذي قصد إيجاده به عرفا، فإن مجرد قصد العنوان من اللفظ مع عدم كون اللفظ آلة لإيجاده لا أثر له، فإنه في حكم القصد المجرد.
ولذا قلنا في أول المعاطاة بالفرق بين الفعل واللفظ، وأن الفعل لو قصد به التمليك يقع به وإن كان مصداقا للتسليط، وهذا بخلاف قوله: سلطتك، وذلك لأن التسليط الخارجي لو قصد منه البيع يصير مصداقا لهذا العنوان، لقيام السيرة عليه دون التسليط اللفظي (1).
وأما صحته بالمشترك اللفظي: فلو كان هناك لفظ مشترك لفظا بين عنوان عقدين أو عقود كاشتراك لفظ الشراء بين البيع والاشتراء فلا مانع عن إنشائه به، لأنه لا يوجب تعين معناه بالقرينة المعينة أن يوجد العنوان بالقرينة حتى يلزم تدريجية المعنى البسيط، بل العنوان ينشأ بنفس اللفظ، والقرينة كاشفة عن وقوع