ولكن الأقوى الاحتياج إلى الإجازة في المقام، لأن التلازم فيما صح بالإجازة صح بالإذن إنما هو لو وردا في محل واحد، وفي المقام الإذن تعلق ببيع المأذون مال غيره لنفسه، لا لمالكه. وفي باب صحة ما باعه الغاصب لنفسه بالإجازة إنما هو لأن الغاصب بنى على مالكيته فأوقع المعاملة بين ملكي المالكين فالإجازة ترد على تبديل المالين.
فتلخص مما ذكرنا: أن الإذن ليس شرعا، ولا يباح به إلا ما يجوز للمالك مباشرته، فتأمل.
قوله قدس سره: (ولكن الذي يظهر من جماعة منهم: قطب الدين... إلى آخره).
لا يخفى أنه وإن كان ظاهر جماعة أن شراء العالم بالغصبية من الغاصب يوجب تملك الغاصب الثمن ولما اشتراه بهذا الثمن إلا أن هذا لا يمكن الالتزام به، ولذا حمل بعض (1) تملك ما اشتراه الغاصب بالثمن الذي أعطاه العالم بالغصبية على ما إذا وهبه العالم، لا على ما إذا أباح له، فإن مجرد الإباحة لا أثر له. ويمكن أن يكون قوله قدس سره: (فتأمل) إشارة إلى أن ما يظهر من جماعة لعله محمول على هبة العالم، لا إباحته له.
قوله قدس سره: (وأما الكلام في صحة الإباحة بالعوض... إلى آخره).
إباحة أحد المالكين ماله للآخر بعوض - أي تقابل الإباحة مع الملك - يقع على قسمين:
الأول: أن يبيح المالك ماله على أن يكون المباح له ضامنا بالمثل أو القيمة، وهذا لا إشكال فيه فإنه نظير العارية المضمونة.
الثاني: أن يبيح له بضمان المسمى كما هو مفروض البحث، وهذا تارة يقع بالمعاطاة كما هو مفروض كلام المصنف، وأخرى بالقول، [و] على كلا التقديرين لا إشكال في خروج هذه المعاملة عن عنوان البيع، لأنه تبديل مال بمال، لا تبديل الإباحة بالمال، إنما الكلام في أنها عنوان مستقل، أو داخلة في عنوان الصلح.