المعقولية قرينة على عدم إرادة المعاوضة الحقيقية إنما يتم إذا شك في قول الغير، وأما مع صدور المعاملة الخاصة عن نفسه فلا معنى لجعله قرينة، إذ هو مطلع على ما قصد.
وعلى الشق الثاني من الترديد بأن تنزيل الغير منزلة نفسه في مالكية المبيع وجه للصحة لا للبطلان كما في تنزيل الغاصب نفسه منزلة المالك (1). وفيهما ما لا يخفى.
أما في الأول فلأن القرينة الواقعة في الإنشاء ليست كالقرينة الواقعة في الأخبار كاشفة عن المراد حتى يقال: إن المتكلم مطلع على مراده، بل قرينية القرينة في الإنشاء معناها أن العقد المتحصل من إنشاءين إذا لم يتعقب بما ينافيه فهو يقع على طبق ما أنشأ.
وأما إذا اقترن بما ينافيه كقوله: بعتك بلا ثمن فلا يقع الإنشاء للتدافع، ففي مثل بيع مال نفسه عن غيره يحتمل الصحة بأن يجعل قصد الغير لغوا. ويحتمل البطلان بأن يجعل قصد الغير بمنزلة بلا ثمن في كونه إيجادا لما ينافي إنشاءه، وهذا هو معنى قرينيته، لعدم قصد المعاوضة الحقيقية.
وأما في الثاني فللفرق بين قصد المالكية في بيع الغاصب وتنزيل الغير منزلة نفسه في بيع المالك، وهو أن القصد في الأول مصحح للمعاملة دون الثاني، وذلك لأن العناوين الواقعية أو الجعلية قد يكون الأثر فيها مترتبا على المعنون بها أولا وبالذات، وبتوسط انطباقها على المصداق يرتب على هذا المصداق ثانيا وبالعرض، فإن زيدا يجب عليه الحج لكونه مستطيعا.
وقد يكون الأثر مترتبا على المصداق لكونه معنونا، فالعنوان من قبيل الداعي وواسطة في الثبوت، مثلا: لو اقتدى بالعادل وتخيل أنه عمرو فبان أنه زيد صحت صلاته، ولو اقتدى بعمرو لكونه عادلا فتبين أنه زيد بطلت صلاته.