ولما لم يتعين احتمل البطلان للتدافع... إلى آخره (1). ففيه: أنه لا فرق بين صورة الوكالة وغيرها في أن التصريح بالخلاف لا يضر بالعقد، ولا يقاس على مثل: بعتك بلا ثمن، مع أن احتمال البطلان يجري في غير صورة الوكالة أيضا، فإن مجرد قابلية وقوع العقد عن الموكل لو كان منشأ للتدافع بين قوله: اشتريت لنفسي وقوله:
في ذمة زيد فقابلية وقوعه عن زيد فضولا أيضا يوجب التدافع، لأن كلما صح عن قبل الموكل في صورة الوكالة صح عن المالك في صورة الفضولي فالتفصيل بينهما لا وجه له.
نعم، يعتبر في قابلية وقوع العقد عن قبل الموكل أو المالك أن يكون العقد جامعا لشرائط الصحة من جميع الجهات، إلا أنه في صورة الوكالة لا يحتاج استناده إلى الموكل إلى الإجازة منه بعد وقوع العقد، وهذا بخلاف عقد الفضولي، فإن استناده إلى المالك يتوقف على الإجازة.
وعلى هذا، فيرد على عبارة المتن في قوله: وإذا لم يقصد المعاوضة الحقيقية فالبيع غير منعقد، فإن جعل العوض من عين غير المخاطب الذي ملكه المعوض فقال: ملكتك فرسي هذا بحمار عمرو فقال المخاطب: قبلت لم يقع البيع لخصوص المخاطب، لعدم مفهوم المعاوضة معه، وفي وقوعه اشتراء فضوليا لعمرو كلام يأتي، فإن مع تصريحه بعدم انعقاد البيع لا وجه له، لوقوعه اشتراء فضوليا لعمرو، فإن العقد الفضولي لا بد أن يكون المقصود منه المعاوضة الحقيقية حتى في بيع الغاصب لنفسه. وأما مع عدم قصد البيع أصلا فلا يصح رأسا.
وما وجهنا به هذه العبارة سابقا - وهو عدم قصد المعاوضة مع المخاطب، لا عدم قصد أصل المعاوضة - لا يستقيم، لأنه لولا قوله: فالبيع غير منعقد لكان لهذا التوجيه وجه.
وأما معه ومقابلة قوله: وإذا لم يقصد المعاوضة مع قوله سابقا، فالمقصود إذا كان المعاوضة الحقيقية فلا وجه له، فتأمل لعلك تتصور وجها له.