الطارئ أو البدوي، أي الذي أوجب كون الشئ قيميا من أول الأمر هو الذي أوجب سقوط المثل عن الذمة ما دام التعذر، فكون العين مثليا من أول الأمر لا يوجب أن يجب شراء مثله ولو ببذل مال كثير، بل يسقط بالتعذر.
وبالجملة: وجوده عند من لا يبيعه إلا بأضعاف قيمته في حكم التعذر، ومقتضى قاعدة الضرر عدم وجوب شرائه على الضامن.
وأما لو كان كثيرا مبذولا ولكن زادت قيمته السوقية فيجب شراؤه، وهذا الضرر الوارد عليه لا يكون داخلا في قاعدة لا ضرر، فإنه يعتبر في دخول الضرر في الضرر المنفي أن لا يكون طبع الحكم مقتضيا للضرر، فإن ترقي القيمة وتنزلها على مساق واحد وكل واحد منهما يقتضي ضررا على شخص، فكما أنه لو تنزل قيمة المثل ليس للمالك مطالبة قيمة التالف أو قيمة المثل قبل تنزل قيمته فكذلك لو ترقى القيمة ليس للضامن إلزام المالك لقيمة المثل قبل الترقي.
وحاصل الكلام: أن المثلي لا ينقلب قيميا بزيادة قيمته أو تنزله. نعم، لو سقط عن المالية كالماء على الشاطئ والثلج في الشتاء فكون المالك ملزما بقبول المثل، مع أنه دفع إلى الضامن الماء في المفازة والثلج في الصيف ففي غاية الإشكال، فإن مقتضى كون الشئ مثليا أن لا يجب إلا رد مثله، سقط عن المالية أم لا.
ومقتضى كون الزمان والمكان دخيلا في مالية المال أن يكون خصوصية الزمان والمكان في عهدة الضامن، إلا أن يقال: يرجع خصوصية الزمان والمكان بالأخرة إلى القيمة السوقية، لأن تنزل القيمة وترقيها ينشئان عن كثرة الوجود وقلة الطالب، وعن عزته وكثرة الطالب، فإن الثلج في مفازة الحجاز لو لم يكن له طالب أو كان كثيرا يكون رخيصا، ولو كان في الشتاء قليل الوجود كثير الطالب يكون غالبا.
ثم لو قلنا بضمان خصوصية الزمان والمكان فيتحقق موضوع لنزاع آخر، وهو: أنه هل المدار في الضمان قيمة الماء في المفازة أو قيمته قبيل سقوطه عن