على خلاف ما قصده المتعاطيان من التمليك.
الثالث: ما وجهنا به كلمات المشهور من أنهما قصدا التمليك، ولكنهما أوجدا مصداق التسليط، فهي إباحة مالكية لإيجادهما ما هو مصداق التسليط المالكي وأمضاها الشارع أيضا.
الرابع: ما قويناه أخيرا من أنهما قصدا التمليك وأوجدا ما هو مصداقه، إلا أن حصول الملك مشروط بتعقبه بأحد الملزمات: كاشتراط حصول الملك في الصرف، والسلم بالقبض، غاية الأمر جوز الشارع قبل الملزمات تصرف كل منهما بأي نحو من أنحاء التصرف، سواء كان مما يوجب حصول الشرط: كالتصرفات المتلفة وما بحكمها، أو لم يكن فالإباحة قبل حصول الشرط شرعية، وعلى هذا فالفعل جزء السبب، وجزؤه الآخر التصرفات المتوقفة على الملك أو التلف.
وحيث إن جميع هذه الوجوه لا تخلو عن إشكال فالأقوى كونها مفيدة للملك ابتداء.
وعلى أي حال لو قلنا بما اختاره صاحب الجواهر قدس سره الذي إليه يرجع تنظير المصنف قدس سره الإباحة الحاصلة بالمعاطاة بإباحة الطعام، فلا بد من الالتزام بأنها معاوضة مستقلة وخارجة من أبواب العقود المتعارفة، فتكون نظير استيفاء المال أو العمل بالأمر المعاملي الموجب لتقدير الملك آنا ما، وبأن التضمين بالعوض المسمى ينشأ من أول الأمر، لا عند التلف حتى يقال: إن التلف أو التصرف ليس معاوضة، ولازم جعل المسمى عوضا هو انتقال الملك آنا ما إلى ملك المتصرف، أو من تلف المال عنده. والدليل على هذا المعنى هو السيرة الموجودة، فلا تقاس المعاطاة على إباحة المالك التصرفات المتوقفة على الملك لغيره، التي منعنا كونها من أنحاء سلطنة المالك وقلنا: إنه ليس للمالك السلطنة على الأحكام الشرعية.
وبالجملة: بناء على الإباحة بالمعنى الأول فلا بد من جعلها معاوضة مستقلة رتبها الشارع على قصد الإباحة من المالك بالعوض المسمى إذا تحقق منه فعل