ثم إنه يقوى الإشكال فيما لم يكن الإعطاء والأخذ من طرف واحد أيضا، بل كان مجرد إيصال الثمن وأخذ المثمن، كوضع الدراهم في دكان صاحب المخضر وأخذ المخضر بدلا عنها مع غيبة صاحبه، ولا يمكن تصحيحه بكونه وكيلا من الطرفين في تبديل أحد طرفي الإضافة بمثله، لوضوح عدم توكيل المالك شخصا معينا.
نعم، لو قلنا: إن البيع هو اسم المصدر لا المصدر صح عده بيعا، لأن نتيجة الإعطاء من الطرفين وصول العوضين إلى المالكين، إلا أن هذا فرض لا واقع له، لأن البيع يتحقق بإنشائه بالفعل أو القول، ومجرد وصول كل عوض إلى مالك الآخر ليس بيعا ولو قصد من الإيصال تبديل أحد طرفي الإضافة بمثله، لأن القصد المجرد أو القصد مع إيجاد غير مصداق ما هو المقصود لا أثر له، فالالتزام (1) بكونه إباحة بالعوض وأن الدليل عليه هو السيرة في خصوص المحقرات لا بأس به، لعدم دليل على انحصار باب المعاوضات بالعناوين الخاصة.
ثم إن الأقوى إشكالا منه ما إذا لم يكن وصول أيضا، كما إذا تقاولا على مبادلة شئ بشئ وتلفظا بالألفاظ الغير المعتبرة في العقد، بأن تكون المعاملة بنفس هذه المقاولة لا بالإعطاء الواقع بعدها، بل كان وفاء بالمعاملة.
ووجه الإشكال: أن المقاولة ليست إلا التباني على أمر، ومجرد التباني ليس بيعا.
نعم، لو أنشأ بهذه الألفاظ مصداق التباني بحيث يخرج عن البناء القلبي والأخبار والوعد فالصواب أن يقال: إنها مصالحة، لعدم اعتبار لفظ خاص في الصلح، وكون حقيقته هو التسالم على أمر، ويدل عليه الخبر الوارد في قول أحد الشريكين لصاحبه: (لك ما عندك ولي ما عندي) (2) فإنه محمول على الصلح، لأن