رسول الله صلى الله عليه وآله دعوه حتى يجيئ صاحبه، فأثبت له بالإثخان صاحبا ومنع أصحابه منه ثبت أنه كان ملكه به.
فإذا ثبت ملك الأول فإذا رماه الثاني لم يخل من أحد أمرين إما أن يوجئه أو لا يوجئه فإن وجأه نظرت، فإن كان أصابه في الحلق حل أكله، لأنه مقدور عليه وعليه ما نقص بالذبح كرجل ذبح شاة الغير حل أكلها وعليه ما نقصت في الذبح وأما إن كان وجأه في غير الحلق مثل أن رماه في قلبه أو في خاصرته حرم أكله لأنه مقدور عليه، فإذا وجأه في غير الحلق حرم أكله، وعليه كمال قيمته وبه الجرح الأول، لأنه قد أتلفه على مالكه.
وأما إن لم يوجئه الثاني مثل أن رماه فعقره عقرا قد تسرى إلى نفسه، وصار مجروحا جرحين، لم يخل الأول من أحد أمرين إما أن يقدر على ذكاته أو لا يقدر فإن لم يقدر على ذكاته مثل أن أدركه وقد مات أو أدركه وقد بقي من حياته ما لا يتسع الزمان لذبحه حرم أكله، لأنه مات من جرحين: حاظر وهو الثاني، ومبيح وهو الأول، بدليل أن الأول لو انفرد وحده فمات قبل القدرة على ذكاته حل أكله، فإذا مات منهما حرم أكله، كما لو رمى مجوسي ومسلم فأصاباه فمات حرم أكله، وعلى الثاني كمال قيمته لأنه أتلفه على صاحبه بجنايته عليه.
وإما إن قدر الأول على ذكاته لم يخل من أحد أمرين إما أن يذكيه أو لا يذكيه فإن ذكاه في الحلق واللبة حل أكله، لأنه مقدور على ذكاته وذكاته في الحلق، وقد فعل، وعلى الثاني أرش الجرح فقط لأنه جرح ملك الغير كرجل جرح شاة غيره ثم ذبحها مالكها حل أكلها، وكان على الجارح أرش الجرح، وإن تركه الأول ولم يذكه حتى مات من الجرحين معا حرم أكله، لأنه مات من جرحين حاظرين.
فإذا ثبت أنه حرام فقال قوم يجب على الثاني كمال قيمته، لأن الأول ملكه بإثباته، فصار ملكه، وإذا عقره الثاني فقد جنى على مقدور عليه لغيره، وليس فيه أكثر من أن الأول ترك ذكاته، وهذا لا يقدح في ضمان الثاني، كما لو جرح الرجل شاة لغيره فتركها صاحبها ولم يذبحها حتى ماتت حرم أكلها، وعلى الجارح كمال قيمتها.
وقال آخرون هذا غلط، لا يجب على الثاني كمال قيمته لأن عقر الأول كان