هذا إذا كان الأداء عن رفيقه قبل العتق فأما إذا كان بعد العتق فالأداء صحيح بكل حال، لأنه حر قد أدى عن مكاتب ما عليه من مال مكاتبته، فإذا ثبت أنه صحيح لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون قد أدى عنه ما عتق به أو ما لم يعتق به.
فإن كان قد أدى عنه ما عتق به نظرت، فإن كان أدى عنه بغير إذنه لم يرجع به، لأنه قد قضى دين غيره بغير أمره فهو هبة لا يرجع بها عليه، وإن كان بإذنه فهو فرض عليه، فإن كان المؤدى عليه واحدا استوفاه منه فإن كان معسرا أنظره إلى اليسار.
فأما إن كان أدى عنه ما لم يعتق به نظرت فإن كان بغير إذنه فهو هبة لا يرجع بها عليه، وقد قضى دين غيره بغير إذنه، وإن كان بإذنه فهو قرض له على المكاتب و على المكاتب أن يؤدي مال الكتابة وعليه أن يقضي القرض.
وإن كان معه ما يقضي به مال الكتابة ويقضي الذي هو القرض فعل وعتق، و إن لم يكن معه إلا بقدر ما لأحدهما عليه، قلنا لمن له الدين أتسمح أن تؤخر بالقرض فيؤدي ما عليه بالذي معه ويعتق ويكون القرض عليه حتى يجد، ويؤدي إليك؟
فإن فعل فلا كلام، وإن أبى قلنا للسيد فتصبر أنت عليه حتى يقضي دينه ثم يؤدي مالك عليه من مال الكتابة، فإن صبر قضى المكاتب دينه، ويكون مال الكتابة عليه حتى يؤدي ويعتق.
وإن قال كل واحد منهما لا أصبر وأريد حقي عاجلا، قدم الدين على مال الكتابة لأن في تقديمه حفظا للحقين، حق صاحب الدين باستيفاء، وحق السيد لأنه إذا عجز عنه كان له فسخ الكتابة ورد المكاتب رقيقا، فكان حفظ الحقين أولى وأيضا فالدين مستقر في ذمته ومال الكتابة غير مستقر في ذمته، فتقديم المستقر أولى.
هذا إذا كان السيد واحدا فأما إن كانا لسيدين فأدى أحدهما عن رفيقه لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون قبل العتق أو بعده، فإن كان بعد العتق فالأداء صحيح بكل حال، لأنه حر بتصرف في ماله بغير اعتراض عليه، ثم ينظر فإن كان بغير إذنه لم يرجع لأنها هبة، وإن كان بإذنه فهو قرض يرجع عليه، والحكم فيه على ما مضى حرفا بحرف.