قال معي آخر، قال أنفقه على خادمك قال معي آخر، قال أنت أبصر.
وفي رواية أخرى أنه قال بعد أهلك قال معي آخر قال أنفقه على والدك، قال معي آخر قال أنفقه على خادمك، قال معي آخر قال أنفقه في سبيل الله، وذاك أيسر.
وقد جمع هذا الخبر جهات النفقات كلها فإنها تستحق بالقرابة والزوجية و الملك، وروي عنه عليه السلام أنه قال كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول، وعنه عليه السلام أنه قال ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وروي أن هندا جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني وولدي إلا ما آخذ منه سرا وهو لا يعلم، فهل على فيه شئ؟ فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وفي الخبر فوائد منها أن للمرأة أن تبرز في حوايجها عند الحاجة وتستفتي العلماء فيما يحدث لها، وأن صوتها ليس بعورة لأن النبي صلى الله عليه وآله سمع صوتها فلم ينكره.
ومنها أن للإنسان أن يذكر غيره بما فيه لموضع الحاجة، وإن كان ذما، ويشكوه إذا منعه حقه.
ومنها أن للحاكم أن يحكم بعلمه وعلى غائب فإن النبي صلى الله عليه وآله ما طلب البينة فعلم أنه قضى بعلمه، وعلى غائب لأن أبا سفيان لم يكن حاضرا.
ومنها أن للمرأة أن تلي النفقة على ولدها، وأن لها النفقة، ولولدها النفقة، وأن النفقة قدر الكفاية، وأن الكفاية بالمعروف، فإنه قال " خذي " فولاها ذلك " ما يكفيك " فأوجب لها النفقة " وولدك " فأوجبه للولد، والكفاية لأنه قال " ما يكفيك " ثم قال " بالمعروف ".
ومنها أن الانسان إذا منع حقه له أن يأخذ حقه ممن له عليه سرا لأنه قال " خذي ".
ومنها أن له الأخذ من جنس حقه ومن غير جنسه، لأنه أطلقها في الإذن.
ومنها أن له بيع المأخوذ وصرفه إلى جنسه، فإنه عليه وآله السلام أطلق أخذ ذلك لها، وكانت تأخذ ما لا يؤكل، وكان لها بيعه.