فأما الخدمة فلا يجب إخدامها عندنا، لأن العرف أن يخدم الأمة نفسها، و يخدم مولاها، فلا يجب على مولاها إخدامها، وقال بعضهم يجب، لأن منهم من لها المنزلة والفضل، وليس بشئ، لأن فضيلتها إنما هو للسيد، فإن أراد استخدامها لم يكن لها الامتناع.
فأما إن مكنته ليلا وأمسكها عنه نهارا فلا نفقة لها، لأن النفقة بالتمكين الكامل، وليس هذا بحاصل، ألا ترى أن الحرة إذا قالت أنا أسلم نفسي ليلا وأنصرف إلى بيتي نهارا فلا نفقة لها؟
إذا اختلف الزوجان في قبض المهر والنفقة لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون قبل الزفاف أو بعده، فإن كان قبل الزفاف وقبل تسليم نفسها إليه فإنما يتصور الخلاف في قبض المهر وأما النفقة فلا، لأنها ما وجبت لعدم التمكين.
فإذا قال قد قبضت المهر و أنكرت، فالقول قولها، لأن الأصل أنها ما قبضت كالمتبايعين إذا اختلفا في قبض الثمن فالقول قول البايع، هذا بلا خلاف.
وإن كان الخلاف بعد أن أسلمت نفسها وحصلت في منزله وتحت قبضه، فإنه يتصور ها هنا اختلافهما في الأمرين جميعا.
فإذا اختلفا فالقول قولها فيهما عند بعضهم، وقال بعضهم القول قول الزوج، لأن الظاهر يشهد له، فإن العرف أنها ما سلمت نفسها حتى قبضت المهر، وبهذا تشهد روايات أصحابنا، فلو غاب عنها ثم عاد وادعى أنه كان خلف لها نفقة كان عليه البينة، وإلا عليها اليمين بلا خلاف.
فمن قال القول قولها قال إن الاختلاف في قبض المهر نظرت، فإن كانت الزوجة حرة فلا خلاف بينهم أن القول قولها، إلا أن يقيم الزوج البينة بقبضها وإن كانت الزوجة أمة فالخلاف بينه وبين سيدها دونها، ويكون القول قوله لأن المهر له دونها فالسيد في المهر كالحرة فيه.
وإن كان الخلاف في قبض النفقة، فإن كانت حرة فالخلاف معها، لأن النفقة لها كالصداق، وإن كانت أمة فالخلاف معها أيضا دون سيدها، لأن النفقة لها دون