وقال بعضهم العنب والرطب والرمان ليس بفاكهة، والأول أقوى عندي، وإنما أفرده الله تعالى ذكره تعظيما له، فإن حلف لا يأكل فاكهة فأكل القثاء والخيار لم يحنث لأنها من الخضر، فإن أكل بطيخا حنث لأن له نضجا كنضج الرطب يحلو إذا نضج ويؤكل كالعنب والرطب، فلهذا كانت من الفاكهة.
فإن حلف لا يشم الريحان انطلق على هذا بالفارسي الذي هو الشاشبرم (1) دون المرزنجوش ونحو ذلك من الورد والياسمين، لأن الاسم لا يتناول هذه، فإن حلف لا يشم الورد فشم نفس الورد حنث، وإن شم دهن الورد لم يحنث، فإن حلف لا يشم.
البنفسج فإن شم ورده حنث، وإن شم دهنه لا يحنث، وقال بعضهم يحنث لأنه يقال لدهنه بنفسج، والأول أقوى لأنه الحقيقة وما قالوه مجاز.
فإن حلف لا ضرب زوجته، فعضها أو خنقها أو نتف شعرها لم يحنث، وقال بعضهم يحنث بكل ذلك، لأنه ضرب وزيادة، والأول أصح.
إذا قال من بشرني بقدوم زيد فهو حر، وعلى مذهبنا قال فلله على أن أعتقه فإن بشره واحد أو جماعة دفعة واحدة وجب عليه أن يعتقهم، وعندهم يعتقون، لأن البشارة عبارة عن أول خبر يبشر به، فإن بشره بعد الأول غيره لم يلزمه ذلك، لأن البشارة قد وقعت فلا تقع به مرة أخرى.
فإن قال من أخبرني بقدوم زيد فهو حر فإن أخبره واحد أو جماعة عتقوا، وإن أخبره بعدهم آخر عتق أيضا، وعندنا إن كان ذلك بلفظ النذر وجب عليه الوفاء به لأن الأول والثاني والثالث خبر كله، وليس كذلك البشارة لأنها عبارة عن أول خبر يبلغه، فإن قال أول من يدخل الدار من عبيدي أحرار، فدخل اثنان معا ودخل ثالث لم يعتق الاثنان، لأنه لا أول منهما، ولا الثالث لأنه ليس بأول.
فإن قال أول من يدخلها من عبيدي وحده فهو حر، فدخلها اثنان معا وثالث بعدهما عتق الثالث وحده، لأنه أول داخل وحده، وقد روي في أحاديثنا أن الاثنين يعتقان لأنهم رووا أنه إذا قال القايل أول ما تلده الجارية فهو حر فولدت توأما اثنين