أو قال أنا لا أشاء أن لا تدخل، لم يوجد الاستثناء لأنه لم يأت بمشية هي ضد ما حلف به، فإن خالف ولم يدخل أو غاب عنا حتى مضى الوقت حنث.
وجملته إذا حلف لا دخلت الدار إلا أن يشاء فلان، فقد منع نفسه من الدخول وجعل الاستثناء مشية فلان، والمشية التي يقع الاستثناء أن يشاء أن يدخل، فإذا ثبت هذا فإنه يتخلص منها بأحد أمرين البر وهو أن يدخل أو الاستثناء وهو أن يشاء فلان أن يدخل، فمتى وجد أحدهما سقط حكم اليمين.
فإن قال فلان قد شئت أن لا يدخلها، أو قال أنا لا أشاء أن تدخل، لم يوجد الاستثناء لأنه ما أتى بالمشية التي هي ضد اليمين، فإن دخل الدار وخالف فخفي علينا خبر فلان فلم تعلم شاء أم لم يشأ لم يحنث من قبل أن يكون فلان شاء، وعندي أنه لا فرق بين المسألتين، وهو أنه متى خالف حنث، ومتى شك في حصول المشية فإنه لا يحنث لأن الأصل براءة الذمة وفيها خلاف.
فأما إذا حلف ليضربنه مائة فأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة فقد روى أصحابنا أنه يبر في يمينه وفي الناس من قال لا يبر إلا إذا قطع أنه قد وصل إليه المائة بأجمعها، ومتى لم يعلم ذلك فإنه يحنث.
إذا حلف لا أدخل الدار إن شاء فلان، فليس هذا من الاستثناء بل علق انعقاد يمينه بشرط مشية فلان، فالشرط ما كان في وفق يمينه، فإذا قال قد شئت أن لا يفعل انعقدت يمينه، لأن شرط الانعقاد قد وجد، فإذا انعقدت فلا يخلصه منها غير البر.
فإن قال فلان قد شئت أن تدخلها لم يوجد الشرط، لأنه في ضد اليمين، و كذلك لو قال لا أشاء أن لا تدخل لم يوجد الشرط، لأن الشرط أن يشاء أن لا يدخلها وما شاء هذا، فلا ينعقد يمينه، فإن غاب فلان ولم يعلم هل شاء أم لا؟ لم ينعقد يمينه لأنه لا يعلم الشرط، والأصل أن لا يمين.