* (فصل) * * (في الوصية للعبد أن يكاتب) * إذا أوصى رجل بكتابة عبد له فالوصية تصح لأنها تتضمن قربة، وهي العتق ويعتبر قيمة العبد الموصى بكتابته من الثلث، لأن الكتابة تجري مجرى الهبة، فإنها اخراج الرقبة بغير عوض على ما بيناه.
ثم ينظر فإن لم يكن أوصى إلا بالكتابة وحدها فالثلث مصروف إليها، وإن كان أوصى بالكتابة وبأشياء أخر من هبة ووصية بمال ومحاباة، فهل تقدم الكتابة على غيرها أو يسوى بين الجميع؟ فهذه المسألة مبنية على أنه إذا أوصى بوصايا في جملتها عتق فهل يسوى بين الكل أو يقدم العتق، فعندنا أن العتق يقدم وقال بعضهم يسوى.
فأما إذا أوصى بالكتابة وغيرها فعندنا أنها تقدم، وقال بعضهم يسوى، لأن الكتابة معاوضة فجرت مجرى المعاوضات، ولو أوصى ببيع فيه محاباة تسوى بينه وبين غيره، كذلك الكتابة، ويفارق العتق لأن له فدية وهي السراية فلهذا قدم والكتابة لا تسري.
فإذا ثبت هذا فإنه إذا أوصى بالكتابة وحدها أو بها وبغيرها وقلنا إنها تقدم فإن الثلث كله يتوفر على الكتابة، فإن احتمل قيمة العبد كوتب ويجبر الورثة على ذلك، ثم ينظر في العبد فإن لم يختر الكتابة لم يجبر عليها، فإن رجع فطلب الكتابة لم يجب إليها، لأن حقه قد سقط بامتناعه.
وإن اختار الكتابة وطلبها فبكم يكاتب؟ لا يخلو إما أن يكون الموصي أطلق الوصية ولم يقدر ما يكاتب عليه أو قدر ذلك، فإن أطلق فإنه يكاتبه على ما جرت به العادة بكتابة مثله عليه وإن قدر ما يكاتبه عليه كوتب على ذلك القدر، ولا يزاد عليه.