ومن قال عليه تخليته، لزمه أن ينتظر إلى مثل تلك المدة، ثم يطالبه بالمال فإن أداه وإلا كان له أن يعجزه، فهذا الحكم فيه إذا انفلت المكاتب من المشركين وعاد إلى دار الاسلام.
فأما إذا كان في بلاد الشرك على حكم الأسر، فحل عليه مال الكتابة فأراد السيد تعجيزه فمن قال يلزمه تأجيله قال لم يكن تعجيزه، لأنه متى انفلت من المشركين كان عليه أن يخليه مثل تلك المدة ثم يتحقق عجزه، فلم يكن له الفسخ قبل مضي تلك المدة، ومن قال لا يلزمه تخليته، قال له أن يفسخ في الحال لأنه قد تعذر عليه حصول مال الكتابة مع استحقاقه له.
لكن هل يتولى الفسخ بنفسه أو يرجع إلى الحاكم حتى يفسخ؟ قيل فيه وجهان قال بعضهم له أن يتولاه بنفسه، كما لو كان حاضرا فتعذر عليه المال، وقال آخرون يرفعه إلى الحاكم حتى يفسخ، لأنه ما تحقق عجزه، لجواز أن يكون له مال لا يعلم به.
فإذا فسخ السيد الكتابة إما بنفسه أو فسخها الحاكم، فإن لم يدع لنفسه مالا فقد تحقق عجزه، واستقر حكم الفسخ، وإن ادعى أن له مالا وأقام البينة على أنه كان موجودا حال الفسخ فسخنا ما كنا حكمنا به من العجز، ويدفع المال إلى السيد ويعتق، لأنه إنما حكم بعجزه في الظاهر، فإذا بان له مال بان الخطأ فيما عمل، وجعل له أن يؤدي ويعتق.
ولو كاتب في بلاد الحرب ثم خرج المكاتب إلينا نظر فإن دخل بإذن سيده إما في تجارة أو حاجة فهو على حكم الكتابة، وتحت يد السيد، وإن خرج بغير أذن السيد على وجه القهر له على نفسه، فإنه ملك نفسه وينفسخ الكتابة، ويعتق، لأن الدار دار قهر وغلبة، ثم يقال له أنت بالخيار بين أن تقيم وتعقد لنفسك ذمة أو تلحق بدار الحرب، فتصير حربا لنا.