فإذا حذف من المعلوم مجهولا كان مجهولا فلهذا بطل النضال.
إذا تناضلا فسبق أحدهما صاحبه، فقال إن نضلتني فلك عشرة، بشرط أن تطعم السبق أصحابك فالنضال باطل، وقال قوم الشرط باطل، والنضال صحيح، وهذا أقوى.
فمن قال المناضلة صحيحة، قال يستحق الناضل المسمى وهو بالخيار، إن شاء أطعم السبق أصحابه، وإن شاء منع، ومن قال المناضلة باطلة، فتناضلا فإن كان الناضل هو المسبق فلا كلام يمسك مال نفسه، وإن كان الناضل هو المسبق لم يستحق المسمى لأن المسمى سقط في العقد الفاسد.
وقال قوم يستحق أجرة المثل كالبيع والصلح والإجارة، وقال آخرون لا يستحق شيئا لأنه إنما يجب أجرة المثل في الموضع الذي يفوت على العامل عمله، وعاد به نفعه إلى الناضل، كالقراض الفاسد يجب عليه أجرة مثل العامل لأنه فوت عليه عمله فيما عاد نفعه إليه.
إذا تسابقا نظرت، فإن كان السبق بالخيل، فإنهما يجريان معا في زمان واحد لا يسبق أحدهما صاحبه، لأن السابق من سبق، إلى الغاية، وإن كان السباق بالمناضلة فلا بد أن يبدأ أحدهما قبل صاحبه، لأنهما لو بدءا معا لم يعرف المصيب منهما، ولم يستفد بالمناضلة حذقا.
ثم لا يخلو من أحد أمرين إما أن تكون المناضلة بشرط أن يبدأ فلان، فإذا فعلا هذا كان على ما شرط، وإن أطلقاها من غير شرط فمن الذي يبدأ؟ لا يخلو النضال من أحد أمرين، إما أن يكون كل واحد منهما سبق صاحبه أو لم يسبق.
فإن كان كل واحد منهما سبق صاحبه، قال قوم يقرع بينهما، لأنه لا مزية لأحدهما، وقال آخرون النضال فاسد، والأول أقوى عندي، وإن لم يكن كل واحد منهما أخرج السبق بل أخرج أحدهما أو غيرهما، قال قوم إن كان المسبق أحدهما بدأ هو لأن له مزية، وإن كان غيرهما كان له الخيار إليه في تقديم أيهما شاء وقال قوم النضال باطل، لأن موضع النضال على أن يكون للمسبق مزية.
وإن كان اخراج العوض منه فالسنة في النضال أن يكون لأهله غرضان وهدفان