أقر بزوال ملكه وتلفه بعد الزوال.
إذا كاتب رجل عبدا على مال إلى أجلين إن المكاتب عجل للسيد المال قبل محله، فإنه ينظر، فإن كان من الأشياء التي لا يبقى على الدوام، ويتلف كالطعام والرطب وما أشبهه، لم يجب عليه قبوله بلا خلاف، لأنه ربما كان له غرض في حصول المال في الوقت المؤجل.
وهكذا إن كان من الأشياء التي تبقى لكن يلزم على حفظه مؤنة كالطعام الكثير والخشب الثقيل، فإنه لا يجبر على قبوله، لأن عليه في حفظه إلى ذلك الوقت ضررا وإن كان مما قد يتلف ويلزم عليه مؤنة لم يجب عليه قبوله لأمرين كل واحد منهما يمنع الإجبار.
وإن كان مما لا يتلف ولا يلزم على حفظه مؤنة كالدراهم والدنانير والصفر و النحاس والرصاص نظر فإن كان في البلد فتنة، وكان حين عقد العقد البلد مستقيما لم يجبر على قبوله، لأن عليه فيه ضرر الخطر، وإن كان وقت العقد مفتنا، قال قوم لا يجبر عليه، وقال آخرون يجبر عليه، والأول مذهبنا.
وأما إن كان البلد مستقيم الحال، فعندنا لا يجبر على قبوله، وعندهم يجبر فإن امتنع أخذه الحاكم له، وبرئت ذمة العبد، لأن الأجل حق من عليه الحق فإذا أسقط حقه وعجل الدين الذي عليه، أجبر من له الدين على قبوله، وعندنا لا يجبر في الدين أيضا.
فإذا ثبت هذا فإن قبض السيد المال صح قبضه، وعتق العبد، لأن ذمته برئت من مال الكتابة.
إذا كاتب عبده على ألف درهم إلى أجلين فجاءه بخمس مائة قبل الأجل، وقال خذ هذه على أن تبرئني من الباقي لم يصح فإنه مضارع لربا الجاهلية، لأنه ينقص من الحق لينقصه من الأجل، وربا الجاهلية كان يزيده في الحق ليزيده في الأجل فإن قبض المال لم يصح قبضه، لأنه إنما دفعه بشرط أن يبرئ من مال الكتابة.
فأما إذا قال له خذ هذه الخمس مائة وأبرئني من الباقي إن شئت، ففعل ذلك