المرض إن ترك أكلها أو كان ماشيا في سفر متى لم يأكل ضعف وانقطع عن الرفقة، أو كان راكبا متى لم يأكل ضعف عن الركوب فإنه يحل أكلها، ومن حلت له الميتة حل له الدم ولحم الخنزير والكلب والإنسان وغيرها من المحرمات، فيحل له كل ما حرم من ميتة ودم ولحم خنزير.
فإذا تقرر هذا ففي المضطر ثلاث مسائل له سد الرمق بلا خلاف، ولا يزيد على الشبع بلا خلاف وهل له الشبع بعد سد الرمق أم لا؟ قال قوم لا يزيد وهو مذهبنا وقال قوم قوم له الشبع ولا يزيد، فمن قال له الشبع فإذا شبع لا يزيد بحال، ومن قال لا يزيد على سد الرمق فمتى زاد كان حراما.
وإما وجوب الأكل خوفا على نفسه، قال قوم يجب عليه، وهو الصحيح عندنا لأن دفع المضار واجب عقلا، ولقوله تعالى " ولا تقتلوا أنفسكم " (1) وقال " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " (2).
وقال بعضهم لا يجب عليه الأكل، وله تركه وإن مات، لأن له غرضا في الامتناع وهو أن لا يباشر النجاسة.
إذا اضطر الانسان إلى طعام الغير وقد ذكرنا صفة المضطر كان على صاحب الطعام بذله، لقوله عليه السلام من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيمة مكتوب بين عينيه " آيس من رحمة الله " وقالوا هذا أولى؟
فإذا ثبت هذا لم يخل المضطر من أحد أمرين أن يكون واجدا للثمن أو لا يكون واجدا له، فإن كان واجدا لم يكن عليه بذله إلا ببدل لأنا ألزمناه البذل لإزالة الضرر عنه، فلا ندخل الضرر على غيره، وإن كان المضطر غير قادر على ثمنه لعدمه بكل حال أو لعدمه في ذلك المكان، فإن كان قادرا عليه في بلده لم يجب على صاحبه بذله بغير بدله، وفيهم من قال يجب عليه البذل بغير بدل، لأن المنافع كالأعيان.