آخرون يأكل الميتة والأول أقوى عندنا.
إذا وجد المضطر ميتة وصيدا حيا وهو محرم، فعندنا يأكل الميتة لأنه إن ذبح الصيد كان حكمه حكم الميتة، وإن وجده مذبوحا أكل الصيد وفداه ولا يأكل الميتة، وقال بعضهم يأكل الميتة بكل حال، وقال آخرون يأكل الصيد ويذبحه ويفديه.
وأما ذكاة المحرم فعندنا وعند جماعة لا تبيح كذكاة المجوسي وقال آخرون ذكاته تبيح لغيره ولا تبيح لنفسه، فإذا قلنا ذكاته لا تبيح فالميتة أولى، لأن الصيد حرام من وجهين، ومن قال يحرم عليه وحده فالصيد أولى عنده، لأن الصيد على هذا طاهر والميتة نجس.
فأما إذا وجد صيدا مذبوحا وميتة نظرت، فإن كان ذبحه حلال في حل فقد وجد ميتة وطعام الغير وقد مضى الحكم فيه، وإن كان هو الذي ذبح الصيد فإن كان ذبحه قبل إحرامه فقد وجد ميتة وطعاما طاهرا لنفسه، فهو غير مضطر إليها يأكل ويفدي عندنا وإن كان هو الذي ذبحه حال إحرامه فقد مضى القول فيه.
فإن وجد المضطر آدميا ميتا حل له أكله، كما لو كانت الميتة بهيمة للآيات وعمومها.
وعندنا وعند جماعة لا تحل الميتة للباغي وإن كان مضطرا، وهو الخارج على الإمام، ولا للعادي وهو قاطع الطريق. وفي الناس من يقول لا يجوز أكل لحم الآدمي بحال للمضطر لأنه يؤدي إلى أكل لحوم الأنبياء، وهذا ليس بصحيح، لأن المنع من ذلك يؤدي إلى أن الأنبياء يقتلون أنفسهم بترك لحم الآدمي عند الضرورة، فكان من حفظ النبي في حال حياته أولى من الذي لم يحفظ بعد وفاته، بدليل أن من قتل نبيا حيا ليس كمن أتلف آدميا ميتا.
وأما إن وجد آدميا حيا نظرت فإن كان محقون الدم كالمسلم والذمي لم يحل قتله لأكله، لأنه محقون الدم على التأبيد وأن كان مباح الدم كالكافر الأصلي والمرتد والزاني المحصن، والمقدور عليه في المحاربة قبل التوبة، كان كالميتة ويؤكل لأنه مباح الدم، فلا إثم عليه في قتله، وهو ميتة بعد قتله، وهو مضطر قد وجد ميتة.