* (فصل) * * (في الكفارة في الحنث) * كفارة اليمين لا يتعلق عندنا إلا بالحنث ولا يجوز تقديمها على الحنث فإن قدمها ثم حنث لم يجزه، وعليه إعادتها، وقال بعضهم يتعلق الكفارة بشيئين عقد وحنث فإن كانت على ماض وجد العقد وقارنه الحنث فلم يسبق العقد ويتأخر الحنث، وإن كان على مستقبل وجد العقد وتأخر عنه الحنث.
فإذا ثبت ذلك فيجوز عندهم تقديمها بعد وجود العقد وقبل الحنث، والمستحب أن يؤخرها حتى يحنث ثم يكفر ليخرج من الخلاف، ولا يخلو الحنث عندهم من أحد أمرين إما أن يكون غير معصية أو يكون معصية فإن كان غير معصية جاز تقديمها وقد يكون غير المعصية طاعة كقوله: والله لا صليت، ويكون ندبا كقوله: والله لا سلمت على فلان، ويكون مباحا كقوله والله لا أكلت الخبز الطيب، فإذا كان كذلك جاز تقديمها.
وقد بينا أن عندنا أن اليمين بهذه الأشياء لا يتعلق بها كفارة، وإنما يتعلق بما يتساوى فعله وتركه على واحد، أو يكون قد حلف على أن يفعل طاعة أو يترك قبيحا ثم خالفه، فإنه يجب عليه الكفارة.
وعلى جميع الأحوال فلا يجوز تقديم الكفارة عندنا على الحنث وإن كان الحنث معصية، كما لو حلف لا شربت الخمر، ولأصلين الفرض، فهذا يمين صحيحة عندنا ويحنث بمخالفتها، ويلزمه كفارة، ولا يجوز تقديمها على الحنث، وفيهم من قال مثل ذلك قال: لأنه يستبيح بالكفارة محظورا ويستعين بها عليه، وقال بعضهم إنه يجوز تقديمها، لأنه لا يستبيح بالتكفير محظورا بحال، فإن اليمين لا تغير حكمها فإنه إذا كفر لا تحل له شرب الخمر، ولا ترك الصلاة، ولكنه يفعل معصية سواء كفر أو لم يكفر.