الثالثة إذا أحاله بالحق فقبل الحالف الحوالة وانصرف حنث، لأن الحوالة وإن كانت فإنما هي قبض حكما فأما مشاهدة وفعلا فلا.
إن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي نظرت، فإن استوفى نفس حقه بر وإن استوفى بدل حقه مثل أن كانت دنانير فأخذ دراهم أو ثيابا أو غير ذلك حنث في يمينه، سواء كان البدل وفاء حقه أو أقل لأنه ما استوفى حقه وإنما استوفى بدل حقه فإن أبرأه وانصرف حنث أيضا لأنه ما استوفاه.
فإن قال حتى أستوفي نظرت، فإن استوفى حق نفسه بر، وإن أخذ البدل عنه وكان وفاء حقه بر، وإن كان دون ذلك حنث، لأنه ما استوفاه.
فإن قال لا أفارقك ولي قبلك حق، فإن أخذ نفس حقه أو بدل حقه بر، سواء كان في البدل وفاء أو لم يكن، لأنه فارقه ولا حق له قبله، وكذلك إن أبرأه وانصرف.
كل موضع حكمنا بوقوع الفراق فالفراق هو افتراق المتبايعين عن محلهما الذي تبايعا، وقد فسرناه في البيوع، وبينا أنه مأخوذ من العرف فما يسمى في العرف افتراق حكم بذلك، وما لم يسم بذلك لم يحكم به.
إذا حلف من عليه الحق لا فارقتك حتى أقبضك حقك، فإن قضاه نفس حقه بر، وإن أعطاه بدل حقه حنث، فإن كان الحق عينا فوهبها مالكها منه فقبلها حنث لأنه ما اقتضاه.
وإن أبرأه من الحق فمن قال الإبراء يحتاج إلى القبول، فقبل حنث كالهبة، و من قال يبرء من غير قبول فهل يحنث أم لا؟ على قولين أقواهما عندي أنه يحنث لأنه ما أقبضه.
فإن حلف عمرو لا بعت لزيد ثوبا فأعطى زيد وكيله ثوبا وقال له بعه، وإن شئت فادفعه إلى من ترى ليبيعه فأتى وكيل زيد عمرا فأعطاه فباعه وهو لا يعلم أنه لزيد صح البيع، وهل يحنث؟ على قولين أقواهما عندي أنه لا يحنث، لأنه جاهل بذلك، وهو كالمكره والناسي، وإن قال زيد لوكيله بعه أنت فأعطى الوكيل هذا الثوب لعمرو وقال بعه فباعه فالبيع باطل، ولا يحنث عمرو لأنه ما باع، وسواء