فإذا فعل ذلك فإنه يبحث عن مال المكاتب، فإن وجد له مال دفعه إلى السيد وعتق، فإن لم يجد له مالا فقد ثبت عجزه، وللسيد أن يفسخ، فإذا فسخ عاد العبد إلى ملكه، ويجبر على الانفاق عليه.
فإذا ظهر له مال بعد ذلك دفعه الحاكم إلى السيد، ونقض ما كان منه من الحكم برقه، وعتق، لأنه بان بخلاف ما ظنه كالحاكم إذا اجتهد في شئ ثم بان أنه أخطأ النص، ويرجع السيد بما أنفقه على المكاتب، لأنه إنما أنفق عليه بشرط أنه عبده فإذا بأن أنه ليس بعبد استحق الرجوع، فإن لم يكن هكذا لكن أفاق المجنون وأقام البينة بأنه أدى المال إلى السيد قبل جنونه وعتق، فإنه يحكم بعتقه، ولا يرجع السيد بما أنفقه لأنه تطوع بما أنفقه مع علمه بحريته، فلم يستحق الرجوع.
المكاتب إذا ادعى على سيده أنه أدى إليه مال الكتابة، وأنكر السيد ذلك فشهد للمكاتب شاهد واحد، فإنه يحلفه معه، ويقضي له بتأدية المال، لأن الذي يثبت بهذه الشهادة قضاء المال، ودفعه ذلك يثبت بشاهد ويمين.
فإن قيل: أليس يثبت بهذا الأداء، والعتق لا يثبت بشاهد؟
قيل ليس يمتنع أن يقبل البينة في شئ إذا ثبت جر ثبوته ما لا تقبل البينة فيه، ألا ترى أن شهادة النساء لا يقبل على إثبات النسب منفردات ثم لو شهدن بالولادة قبل، وإن كانت الولادة إذا ثبتت جرت ثبوت النسب.
إذا ادعى المكاتب على سيده الأداء وقال: لي بينة أقيمها فانتظروا، أنظر يومين وثلاثة أيام، لا يزاد على ذلك، لأن الثلاثة أول حد الكثرة، وآخر حد القلة، وهكذا إذا جاء بشاهد واحد ولم يثبت عدالته، فقال لي شاهد آخر، فانتظروا على حتى أجئ به، أنتظر عليه ثلاثة أيام ولا يزاد عليها.
إذا كاتب عبده على عرض صحت الكتابة، لأن العرض يصح أن يكون في الذمة عن سلم فصح أن يكون ثمنا، ثم ينظر فإن أدى العرض على الصفة التي شرط عليه وقع العتق في الظاهر، ثم ينظر فإن استحق العرض السيد، استقر العتق للعبد وإن خرج العرض مستحقا سلم إلى صاحبه، ويرتفع العتق، لأن الكتابة عقد معاوضة