هذا أمر، وقال قوم هو مستحب وبه قال قوم من أصحابنا.
فإذا تقرر أن الإيتاء واجب فالكلام في ثلاثة فصول: في وقته، وقدره، وجنسه.
فأما وقته فله وقتان: وقت جواز ووقت وجوب فأما وقت الجواز فما بين الكتابة والعتق، وأما وقت الوجوب فقال قوم هو إذا بقي عليه القدر الذي عليه أن يؤتيه، فإنه يتعين عليه، لأنه الوقت الذي يتحقق أنه يستعين، وأما قبل هذا فقد يعجز و يرق.
وقال بعضهم وقت الإيتاء بعد العتق، لأن الإيتاء في الكتابة كالمتعة في النكاح والأول أقوى لقوله تعالى " وآتوهم " يعني المكاتبين، فإذا أعتق لا يكون مكاتبا.
وأما قدره فعندنا ما يقع عليه الاسم قليلا كان أو كثير، فإن كاتبه على دنانير فأقل ما يقع عليه الاسم حبة ذهب، وإن كاتبه على دراهم فدرهم أو أقل، وقال قوم هو على قدر مال الكتابة وبحسبه.
وأما الكلام في جنسه فإن السيد بالخيار بين أن يحط شيئا من ماله في ذمته وبين أن يدفع إليه مناولة لقوله تعالى " وآتوهم من مال الله " وحقيقة الدفع المناولة ودليل الحط ما رواه علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله تعالى " وآتوهم من مال الله " وحقيقته أن يحط ربع كتابته، والحط أشبه بالشرع وأحوط.
فإن حط فلا كلام وإن اختار الإيتاء ففيه ثلاث مسائل: إما أن يؤتيه من عين مال الكتابة، أو من غير جنسه، أو من مثل جنسه.
فإن آتاه من عينه وهو عن ما أدى إليه لزمه القبول، لأنه آتاه من المال الذي أمره الله أن يؤتيه، وإن آتاه من غير جنسه مثل أن كانت عليه دنانير فآتاه دراهم لم يجب على المكاتب القبول، لأن الله تعالى أوجب حقه في مال الكتابة، فلا يلزمه أن يقبل من غير جنسه، وأما إن آتاه مثل جنسه فقال قوم لا يجب عليه القبول، ومنهم من قال يجب عليه، وهو الأقوى عندي.
إذا أدى المكاتب وعتق قبل أن يؤتيه السيد شيئا يتعلق الإيتاء بتركته، لأنه دين عليه فهو كسائر الديون، فإن كان على السيد دين غير هذا وقد أوصى بوصايا