(كتاب المكاتب) الكتابة مشتقة من الكتب فالكتب هو الضم والجمع، يقال كتبت البغلة إذا ضممت أحد شفريها بحلقة أو سير، ويقال كتبت القربة إذا ضممت فاها بعضه إلى بعض لتوكي عليه، ومنه قيل للجيش والناس المجتمعين كتيبة، وكذلك الكتابة اشتقاقها من هذا لأنه ضم أجل إلى أجل، وعقد المعاوضة على ذلك.
فإذا ثبت ذلك فدليل جوازها قوله تعالى ﴿والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا﴾ (1) فأمر بالكتابة، وروي عن النبي صلى عليه وآله أنه قال: المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم.
وروى سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أعان عاتقا أو غازيا أو مكاتبا في كتابته أظله الله يوم لا ظل إلا ظله.
وروت أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فليحتجب عنه.
فإذا ثبت هذا فمتى دعا العبد سيده إلى مكاتبته فالمستحب له أن يجيبه إلى ذلك وليس بواجب، سواء دعاه إلى ذلك بقيمة مثله أو أقل أو أكثر، وذهب قوم إلى أنها واجبة:
ولا يجوز للسيد أن يكاتب عبده حتى يكون عاقلا بالغا، فإن كان مجنونا لم يجز مكاتبته، لقوله تعالى (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) والخير الكسب والأمانة ولأنه قال (والذين يبتغون الكتاب) والمجنون لا ابتغاء له.
فإن خالف السيد وكاتب واحدا منهما لم يكن هناك عقد صحيح ولا فاسد، لأن الفاسد إذا كان بين المتعاقدين من أهل العقد وعقداه على فساد، لأن قوله كاتبتك