وله الرجوع في بعضه كما له الرجوع في كله، فإن رجع في تدبير نصفه أو ثلثه بطل التدبير فيما رجع فيه، وكان الباقي مدبرا يعتق بوفاته، ولا يقوم باقيه عليه ولا على وارثه، ولا يفتقر رجوعه فيه إلى إذن المدبر، فإن قال المدبر قد رددت التدبير لم يتعلق بكلامه حكم سواء رد التدبير في حياة سيده أو بعد وفاته.
إذا جنى المدبر تعلق أرش الجناية برقبته، كالعبد القن سواء، ويكون سيده بالخيار بين أن يسلمه أو يفديه، فإن اختار أن يفديه فبكم يفديه؟ قال قوم بأقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية، وقال آخرون يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغ أو يسلمه للبيع.
فإن فداه فالتدبير بحاله، وإن اختار بيعه نظرت، فإن كان الأرش يستغرق قيمته بيع فيها وبطل التدبير، وإن كان الأرش لا يستغرق قيمته نظرت، فإن لم يمكن بيع بعضه، بيع كله ودفع من ثمنه أرش الجناية، وما فضل كان لسيده، وإن لم يمكن بيع بعضه فالسيد بالخيار بين بيع كله أو بيع بعضه.
فإن باع الكل كان الفضل لسيده، وإن باع بعضه كان الباقي مدبرا، وكل موضع زال ملكه عنه زال التدبير.
وروى أصحابنا أن التدبير باق وإذا مات السيد يعتق في ملك المشتري وينبغي أن يبيعه بهذا الشرط.
ومتى عاد إليه ملكه بعد ذلك بميراث أو غيره فهل يعود حكم التدبير أو لا؟ قال قوم يعود، وقال آخرون لا يعود.
والذي نقوله إن كان حين باعه نقض تدبيره، فإنه لا يعود تدبيره، وإن كان لم ينقض تدبيره فالتدبير باق، لأن عندنا يصح بيع خدمته دون رقبته مدة حياته، و متى مات السيد قبل أن يفديه فهل يعتق بوفاته أم لا؟ قيل فيه قولان أحدهما يعتق، و الآخر لا يعتق.
فمن قال يعتق بوفاته وهو الأقوى عندنا، قال تعلق أرش جنايته بالتركة لكن يتعلق بها أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته، لأنه لا يمكن تسليمه للبيع، ومن قال لا يعتق كان وارثه بمنزلة سيده، على ما فصلناه حرفا بحرف.