يرمون من عند أحدهما إلى الآخر ثم يمشون إلى الذي رموا إليه فيأخذون سهامهم ويقفون عنده، فيرمون إلى الذي ابتدؤوا منه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة.
فإذا ثبت هذا ورتبوا غرضين ووقفوا فرموا أولا من عند واحد إلى الآخر فبدأ أحد الرماة إما بالشرط أو بالقرعة أو بالتسبيق على ما فصلناه، فإذا مشوا إلى الآخر وجمعوا سهامهم للرمي لم يكن للذي بدء من عند الأول أن يبدء من عند الآخر، بل يبدأ غيره على ما يرتبونه، لأن موضوع المناضلة على المساواة بين المتناضلين، بدليل أن المسافة في الكل واحد.
فأما الكلام في كيفية الرمي، فإن إطلاق المناضلة يقتضي المراسلة أن يرمي سهما وسهما كذلك حتى ينفد الرشق، لأنها عادة الرماة، فإن شرطا غير ما يقتضيه الاطلاق مثل أن يرمي عشرة وعشرة رشقا ورشقا جاز.
وإذا عرض لأحد المناضلين عارض فاضطرب رميه لأجله، مثل أن أغرق النزع فخرج السهم من اليمين إلى اليسار، وذلك أن من شأن السهم أن يسترسل على إبهام بالغ صاحبه، فزاد في النزع فعبر القوس فمر على أصل سبابة يساره، وإن انكسر قوسه أو انقطع وتره أو عرض في الطريق عارض غير سوق استرساله مثل أن وقع في بهيمة أو غيرها ونفذ عنها أو طائر أو انسان أو استلبه ريح في أحد كتفيه فتغير نزعه.
وجملته متى عرض عارض اضطرب رميه لأجله لم يعتد بذلك السهم عليه من الخطأ، إن هو أخطأ، لأن الخطأ ما كان لسوء رميه، فأما إذا كان لعارض فلا يكون لسوء رميه، فيرد إليه ليعيد رميه، ومتى حصلت الإصابة مع العارض، قال قوم يعتد عليه خطأ، وقال آخرون لا يعتد وهو الأقوى.
إذا تجاوز السهم الهدف مع العارض، قال قوم يعتد عليه، وقال آخرون لا يعتد عليه.
قد قلنا إن الخاسق ما ثقب الغرض وثبت نصله فيه، والخارق ما خدشه ولم يثقبه، فإذا شرطا الإصابة خواسق ورمى فأصاب الغرض ثلاث مسائل: إحداها ثقبه