فإذا تقرر أن عليه البذل لم يخل من أحد أمرين إما أن يبذل أو يمنع، فإن بذله له بثمن مثله كان عليه الشراء للآية التي قدمناها ولأن الواجد بالثمن كالواجد لعينه بدليل أن من وجد الماء بثمن كان كالواجد له في المنع من التيمم، وكذلك القدرة على ثمن الرقبة كالقدرة على الرقبة في الكفارات هذا إذا بذل، وأما إذا منع وقال لا أدفع إليه أو يبذل أكثر من ثمن مثله لم يخل المضطر من أحد أمرين إما أن يكون قادرا على قتاله ومكابرته عليه أو غير قادر فإن كان قادرا على قتاله ومكابرته كان عليه لأنه كالمستحق له في يديه، ولو كان له مال في يد غيره فمنعه إياه كان له قتاله على منعه.
فإذا ثبت أنه يقاتله عليه فكم القدر الذي يحل له أن يقاتله عليه؟ فمن قال لا يزيد على سد الرمق قاتله عليه، ومن قال له الشبع قاتله عليه.
فإذا قاتله نظرت، فإن قتل صاحب الطعام كان هدرا لأنه قتله بحق وإن قتل المضطر كان قتله مضمونا لأنه مقتول ظلما.
فأما إن لم يكن قادرا على قتاله أو قدر عليه فتركه حذرا على إراقة الدماء نظرت فإن قدر أن يحتال عليه ويشتريه منه بعقد فاسد، حتى لا يلزمه إلا ثمن مثله فعل وإن لم يقدر إلا على العقد الصحيح فاشتراه بأكثر من ثمن مثله، قال قوم يلزمه الكل لأنه باختياره بذل، وقال آخرون لا يلزمه الزيادة على ثمن المثل لأنه مضطر إلى بذلها فكان كالمكره عليها، وهو الأقوى عندنا.
هذا كله إن وجد الطعام ولم يجد الميتة، فأما إن وجد ميتة وطعام الغير، لم يخل صاحب الطعام من أحد أمرين إما أن يكون حاضرا أو غائبا فإن كان حاضرا نظرت، فإن بذله بثمن مثله لم يحل أكل الميتة، فإن قاتله ومنعه لم يكن له قتاله و يعدل إلى أكل الميتة، لأنه إنما يطلب طعام الغير خوفا على الهلاك وفي قتاله غرور بما أراق دما وكان له ترك هذا إلى أكل الميتة.
وإن كان صاحب الطعام غايبا أو حاضرا ضعيفا لا نهضة به إلى منع المضطر من طعامه قال قوم: ليس له أكل الميتة، لأنه قادر على طعام الغير بثمن مثله، وقال