حرا والأم مملوكة فإن كان الولد حرا فأبوه أحق به، لأن أمه مشغولة بخدمة سيدها وإن كان مملوكا فسيده أحق به، وإن كان أحدهما مسلما فالمسلم أحق به عندنا و عند أكثرهم وقال بعضهم يخير.
وإن كان أحدهما عدلا والآخر فاسقا فالعدل أحق به بكل حال، لأن الفاسق ربما فتنه عن دينه، وإن كان أحدهما مقيما والآخر منتقلا فلا يخلو المسافة من أحد أمرين إما أن يقصر فيها الصلاة أو لا يقصر، فإن لم يقصر فالحكم فيها كالإقامة، وإن كان يقصر فيها فالأب أحق به بكل حال.
وقال قوم إن كان المنتقل هو الأب فالأم أحق به، وإن كانت الأم منتقلة فإن انتقلت من قرية إلى بلد فهي أحق به، وإن انتقلت من بلد إلى قرية فالأب أحق به لأنه في السواد يسقط تعليمه وتخريجه وهو قوي.
ومن قال بالتخيير فبلغ حد التخيير فخير لم يخل من أحد أمرين إما أن يختار أمه أو أباه، فإن اختار أمه نظرت، فإن كان الولد جارية كانت عندها ليلا ونهارا ولا يخرج نهارا لأن تأديبها وتخريجها جوف البيت، وإن كان غلاما فأمه أحق به ليلا لأنها تحفظه وتحضنه وأبوه أحق به نهارا ليخرجه ويؤدبه ويعلمه.
وإن اختار أباه فهو أحق به ليلا ونهارا لأنه لو كان جارية فلا حاجة بها إلى الخروج، وإن كان غلاما فعنده يأوي ليلا ويخرج إليه نهارا ولا يمنع من الاجتماع مع أمه، لأن في ذلك قطع الرحم وذلك لا يجوز.
ثم ينظر فإن كان ذكرا ذهب هو إلى أهله وزارها في كل أيام حتى لا ينقطع الرحم بينهما، وإن كان جارية فإن أمها تأتيها زائرة لأن الجارية لم تخرج، و الأم قد اعتادت الخروج، وإذا زارتها أمها فلا تطيل عندها، بل تخفف وتنصرف ولا تنبسط في بيت مطلقا. هذا في حال الصحة.
فأما في حال المرض فأيهما مرض قصده الصحيح فإن كان المريض هو الولد فلا تمنع أمه أن تجيئه وتراعيه وتمرضه وتقيم عنده، لأنها أشفق عليه وأحنى وارأف وأعطف وأرفق من غيرها، وإن مرضت الأم فإن ولدها يزورها ويتردد إليها ذكرا