* (كتاب الأطعمة) * الترتيب في معرفة ما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل أن يرجع إلى الشرع:
فما أباحه الشرع فهو مباح، وما حظره فهو محظور، وما لم يكن له في الشرع ذكر كان المرجع فيه إلى عرف العادة عادة العرب عندهم، فما استطابته فهو حلال، وما استخبثته فهو حرام، وإن يكن له في العرف والشرع ذكر فعند الفقهاء أنه يرد إلى أشبه الأشياء به، فيحكم بحكمه من تحليل أو تحريم.
والذي نقوله إنه ما ليس له ذكر في الشرع أصلا فلا يخلو أن يكون حيوانا في حال حياته أو بعد أن تفارقه الحياة، فإن كان في حال الحياة فهو محظور لأن ذبح الحيوان محظور إلا بالشرع، وإن لم يكن حيوانا كان مباحا لأن الأشياء على الإباحة.
هذا على مذهب من قال من أصحابنا بأن الأصل الإباحة، فأما من قال الأصل الحظر والوقف، فإن الجميع يحرم، وقد قال الله تعالى " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات " (1) وقال تعالى " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه " إلى قوله " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " (2).
ومن اعتبر العرف والعادة استدل بهذه الآيات فقال وجه الدلالة أن القوم سألوه عما يحل لهم، فقال أحل لكم الطيبات، والطيب يقع على أربعة أشياء: فالطيب الحلال قال تعالى " كلوا من الطيبات " (3) يعني من الحلال، ويقع على الطاهر قال تعالى " فتيمموا صعيدا طيبا " (4) يعني طاهرا، ويقع على ما لا أذى فيه وهو الزمان الذي لا حر فيه ولا برد، فيقال هذا زمان طيب ومكان طيب، ويقع على ما يستطاب من المأكول