* (فصل) * * (في نفقة المماليك) * قد ذكرنا أن النفقة تستحق بأحد أسباب ثلاثة: زوجية وقرابة وملك يمين وقد مضى الكلام في نفقة الزوجة والأقارب، والكلام ها هنا في نفقة المماليك، و إنما قلنا يجب نفقته لا جماع الفرقة على ذلك، ولقوله عليه السلام للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق. فأخبر أن طعامه وكسوته ونفقته على سيده لأنه لا أحد أولى به منه، وهو إجماع لا خلاف فيه.
فإذا ثبت وجوبها لم يخل العبد من أحد أمرين: إما أن يكون مكتسبا أو غير مكتسب فإن لم يكن مكتسبا لصغر أو كبر أو زمانة أو مرض فنفقته على سيده، وإن كان مكتسبا فسيده بالخيار إن شاء جعلها في كسبه، وإن شاء أنفق عليه من عنده، لأن كسبه له وماله له، فإن أنفق عليه من ماله كان له جميع كسبه وإن جعل بعضه في كسبه، فإن كان وفق نفقته فلا كلام وإن زاد عليه كان لسيده الفاضل، وإن كان دون ذلك فعلى السيد إتمامه.
فإذا ثبت الوجوب وكيفية الوجوب فالكلام بعده في فصلين في قدر النفقة و في جنسها.
فأما قدر كفايته في العرف وهو قوت مثله فيجعل له، ولا ينظر إلى النادر في كفاية الناس، فإن فيهم من يكفيه القليل وهو نادر، وفيهم من لا يكفيه إلا الكثير وهو نادر، ولا ينظر إليهما بل ينظر إلى كفاية مثله في العادة لقوله عليه السلام للمملوك طعامه و كسوته بالمعروف.
فأما جنسها فمن غالب قوت البلد، أي قوت كان هو الغالب عليه كان قوت المماليك منه، ولا يعتبر قوت سيده، فإنه قد يكون منعما لا يرضى بغالب قوت البلد، وهكذا الأسوة بكسوة من غالب كسوة البلد، لا من كسوة سيده فإن سيده قد يزيد وينقص