وأما أن يمنع صاحب الأكثر أن ينفرد بالإصابة، مثل أن يرمي أحدهما خمسة عشرة، فأصاب إحدى عشر، ورمى الآخر خمسة عشر فأصاب اثنين، فإذا أكمل الرشق أصاب صاحب الاثنين ما بقي وهو خمسة صار له سبعة، وأخطأ صاحب الأحد عشر ما بقي فاستقر له أحد عشر، ثم تحاطا ما تساويا فيه من الإصابة سبعة بسبعة، وفضل لصاحب الأحد عشر أربعة.
فالحكم في كل هذا واحد: متى كان لصاحب الأقل فائدة إما أن يرجع إلى أن يفضل صاحبه، أو يساويه في عدد الإصابة أو يمنعه عن الانفراد بعدد الإصابة، فهل له المطالبة بإكمال الرشق أم لا؟ قال قوم: ليس له ذلك، لأن صاحب الأكثر قد بادر إلى الإصابة مع تساويهما في عدد الرمي بعد اسقاط ما تساويا فيه من الإصابة، فوجب أن يكون ناضلا، كما لو تناضلا مبادرة وبادر أحدهما إلى الإصابة مع تساويهما في عدد الرمي فإنه قد فضل أحدهما صاحبه، وقال آخرون وهو الأقوى عندي: له مطالبته بإكمال الرشق، لأن له فائدة، لأنه ربما فضل أو أسقط ما له من الفضل أو يساوي فلهذا كان له المطالبة بإكمال الرشق.
ويفارق المبادرة لأن موضوعها على أن لا يحط ما تساويا فيه من الإصابة، فإن بادر أحدهما إلى الإصابة مع تساويهما في عدد الرمي فلا معنى لإكمال الرشق، فبان الفصل بينهما.
إذا تسابقا أو تناضلا، وأخرج كل واحد منهما سبقا وأدخلا بينهما محللا فهل ذلك من العقود الجائزة أو اللازمة؟ قال قوم من العقود الجائزة كالجعالة، وقال آخرون من العقود اللازمة كالإجارة، والأقوى الأول.
فمن قال من العقود اللازمة، قال لزم، ويلزم الوفاء به، ومتى أراد أحدهما أن يخرج منه نفسه بعد التلبس بالمناضلة أو قبل التلبس وبعد العقد، لم يكن له ذلك ومن قال من الجائزة، قال هو كالجعالة وأيهما أراد اخراج نفسه من السباق، كان له ذلك، وعلى القولين يصح أن يكون العوض فيه عينا ودينا.
فإذا تم النضال بينهما سواء قيل إنه جائز أو لازم فقد استحق السبق بذلك.