ويضمن أقل الأمرين من أرش الجناية أو قيمتها لا يفاد على ذلك، وكذلك عندنا إذا أراد أن يفديها لأنه إن كان الأرش أقل فالذي يستحقه المجني عليه الأرش فحسب، فلم يضمن أكثر منه، وإن كانت القيمة أقل فهو إنما يفدي رقبة أم الولد فلم يلزمه أكثر من قيمة الرقبة.
فأما إذا جنت ففداها السيد ثم جنت دفعة ثانية، فهل يلزمه أن يفديها ثانيا كما فداها أولا، ولا يشرك المجني عليها في الفداء الأول؟ فيه قولان أحدهما أنه يلزمه أن يفديها ثانيا، والثاني لا يلزمه.
فمن قال يلزمه فوجهه هو أنه إنما فداها في الدفعة الأولى لأمر منع من بيعها، ولم تبلغ بها حالة يتعلق الأرش بذمتها، وهذا موجود في الدفعة الثانية و الثالثة، فلزمته الفدية.
فمن قال يلزمه الفداء كل دفعة، قال بأنه يفديها في الدفعة الثانية والثالثة كما فداها في الأولة، وإن قلنا لا يلزمه أكثر من فدية واحدة، فإنه ينظر فإن دفع المجني عليه قدر أم الولد، فليس يجب عليه شئ آخر، لكن يرجع الثاني على الأول و يشاركه فيما حصل معه، ويقتسمانه على قدر جنايتها، وإن كان قد دفع إليه أقل من قيمة أم الولد، فإنه يلزمه أن يرجع تمام القيمة، ثم يضم ذلك إلى ما حصل الأول ليشترك هو والثاني فيه.
على هذا إذا جنت دفعة ثانية وثالثة ورابعة فالذي يقتضيه مذهبنا أنه إذا جنت جناية بعد جناية أن مولاه بالخيار بين أن يسلمها إليهم فيبيعونها بأجمعهم، ويقتسمون الثمن على قدر الجنايات بينهم، وبين أن يفدي الجنايات من أقل أروشها أو ثمنها لا يلزمه أكثر من ذلك، فأيهما اختار كان له ذلك، لأنها مملوكة عندنا.
إذا كان لذمي أم ولد منه، فأسلمت فإنها لا تعتق عليه، وتباع عندنا، لأنها مملوكة، وعندهم لا تباع ولا يستعار، لكن يحال بينها وبينة ويجعل في يد امرأة ثقة تنفق عليها من كسبها، فإن فضل شئ من كسبها كان لسيدها، وإن عجز عن نفقتها كان على السيد تمامه، وقال بعضهم يعتق بإسلامها ولا يلزمها شئ.