يقال هذا طعام طيب لما تستطيبه النفس، ولا تنفر منه.
ولا يجوز أن يكون المراد به الحلال لأنهم سألوه عن الحلال ليبين لهم فلا يصح أن يقول لهم الحلال هو الحلال وبطل أن يكون المراد ما لا أذى فيه لأن المأكول لا يوصف به، ولا يجوز أن يكون المراد به الطاهر، لأن الطاهر إنما يعرف شرعا فلم يبق إلا أن المراد به ردهم إلى ما يستطيبونه ولا يستخبثونه، فثبت أنه ردهم إلى عادتهم.
وهذا قريب غير أنه لا يمتنع أن يقال المراد به ما لا أذى فيه من المباح الذي ليس بمحرم، فكأنهم لما سألوه عن الحلال فقال: ما لا يستحق تناوله العقاب وذلك عام في جميع المباحات، سواء علمت كذلك عقلا أو شرعا.
ومن اعتبر العرف والعادة اعتبر أهل الريف والغنى والمكنة الذين كانوا في القرى والأمصار على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله حال الاختيار، دون من كان من أهل البوادي من جفاة العرب التي تأكل ما دب ودرج لأن هؤلاء أهل حاجة إلى ذلك، فسئل بعض العرب عما يأكلون فقال كل ما دب ودرج إلا أم حبين (1) وقال بعضهم لتهن أم حبين العافية تأمن أن تطلب وتذبح وتؤكل.
فإذا قيل عادة العرب وعرفهم مختلفة قالوا اعتبرنا عرف أهل الريف والقرى والبلدان، وأهل الغنا والمكنة بحال الاختيار، واعتبر العام الشائع دون النادر.
فأما ما حرم شرعا فجملته أن الحيوان ضربان: طاهر ونجس، فالنجس الكلب والخنزير وما توالد منهما أو من أحدهما وما عداهما كله طاهر في حال حياته وقال بعضهم الحيوان كله طاهر في حال حياته ولم يستثن الكلب والخنزير، قال إنما ينجس الخنزير والكلب بالقتل والموت.
وقال بعضهم الحيوان على أربعة أضرب: طاهر مطلق، وهو النعم، وما في معناها ونجس العين وهو الخنزير، ونجس نجاسة تجري مجرى ما ينجس بالمجاورة وهو الكلب والذئب والسباع كلها، ومشكوك فيه وهو الحمار والبغل.